( أعلم) أن الأمة اتفقوا على عصمة الأنبياء من ارتكاب الشرك عمدا وأجازت الشيعة ارتكابه لهم إذا خافوا الهلاك بعدم ارتكابه، وقد تقدم بطلان قولهم وإنه يؤدي إلى إخفاء الدعوة التي بعث لأجلها الرسول وأجمعوا أيضا على استحالة الكذب عليهم فيما بعثوا به عمدا وسهوا وقد تقدم دليله واختلفوا في جواز الكذب عليهم سهوا في غير ما بعثوا بتبليغه وكذلك أيضا اختلفوا في جواز ارتكاب الصغيرة الغير الخسيسة، وأما الخسيسة كسرقة لقمة ونحوها فمستحيلة عليهم اتفاقا وكذلك كبائر غير الشرك، وذهبت الحشوية إلى جوازها عليهم ومنع الجبائي(17) في حقهم الصغيرة والكبيرة والخسيسة وغيرها على سبيل التعمد، هذا كله بعد النبوة وأما قبلها فذهب جمهور من الأشاعرة والمعتزلة إلى جوازها أي الكبائر عليهم ومنعها بعض المعتزلة لأنها مما ينفر عن الإتباع بعد النبوة، ومنع بعضهم كل ما ينفر ككون الأم عاهرة ونحو ذلك ومنعت الرافضة(18) الصغيرة والكبيرة قبل النبوة وبعدها.
صفحة ١٧