( قوله والمستحيل ضدها) أي والممتنع ثبوته في حقهم ضد تلك المكارم وضد الشيء هي الصفة التي تعاقبه في محله ولا تجتمع معه ونقيض الشيء كذلك أيضا لكن الفرق بين الضدين والنقيضين أن الضدين لا يجتمعان وقد يرتفعان كالسواد والبياض فإنهما قد يرتفعان عن المتلون فيتصف بالحمرة والخضرة ونحوهما، وأما النقيضان فلا يجتمعان ولا يرتفعان بمعنى أنه لا ينعدمان معا ولا يوجدان معا، بل إذا وجد أحدهما امتنع الآخر كالوجود والعدم(15) والحدوث والقدم (قوله كالكذب) هو عدم مطابقة الخبر للواقع ودليل استحالته هو دليل وجوب الصدق لهم، فإن من وجب صدقه استحال كذبه (قوله وكالجنون) هو اختلال العقل بحيث يمنع جريان الأفعال والأقوال على نهج العقل إلا نادرا، وهو عند أبي يوسف(16) إن كان حاصلا في أكثر السنة فمطبق وما دونها فغير مطبق ا. ه وقد تقدم دليل استحالته عليهم وكذلك العته وهو عبارة عن آفة ناشئة عن الذات توجب خللا في العقل، فيصير صاحبه مختلط العقل فيشبه بعض كلام العقلاء وبعض كلام المجانين بخلاف السفه فإنه لا يشابه المجنون لكن تعتريه خفة إما فرحا وإما غضبا ا. ه وهو أيضا مستحيل في حقهم لأن تلك الخفة مغيرة للعقل فتجري أفعالهم وأقوالهم على خلاف الحكمة ولأن السفه مناف لرتبة الاصطفاء وداع إلى التنفر عن الإتباع وقاض برد القول إلى قائله، وقد أخبرنا تعالى أنهم المصطفون وقد أمرنا بإتباعهم ونهانا عن رد قولهم إليه فوجب أن لا يكونوا سفهاء، وهذه الأدلة قاضية أيضا باستحالة الجنون والعته عليهم (قوله أو ارتكاب الريب) جمع ريبة وهي ما تكون سببا للتهمة أي يتهم بها فاعلها فتشمل جميع المعاصي ما عدا الصغير الغير الخسيس الناشئ عن غير تعمد، فإن وقوع هذا لا يجب تهمة فاعله.
صفحة ١٦