فتاوى الإمام النووي المسماة: "بالمسائل المنثورة"
الناشر
دَارُ البشائرِ الإسلاميَّة للطبَاعَة وَالنشرَ والتوزيع
الإصدار
السَادسَة
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م
مكان النشر
بَيروت - لبنان
تصانيف
الفتاوى
وأما الرجل الثاني: فمخطىء في كل ما قاله، وعليه التعزير في قوله، ولا يجوز الكلام في هذا، ولا التفضيل؛ إِلا أن يكون جاهلًا لا يعلم قولَ الله تعالى: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ (١)، وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ﴾ (٢)، وفي الحديث الصحيح المشهور: أن رسول الله ﷺ قال: "انا سَيّدُ ولدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ"، وأما الحديث الصحيح أن النبي ﷺ قال: "لا تفَضِّلُوا بينَ الأنبياء"، فأجاب العلماء عنه بخمسة أجوبة مشهورة:
١ - أحدها: أنه ﷺ نهى قبل أن يعلم أنه أفضلُهم، فلما علم قال: "أنَا سَيّدُ ولدِ آدَمَ".
٢ - والثاني: أنه نهى عن تفضيلٍ يؤدي إِلى الخصومة، كما ثبت في الصحيح في سبب هذا الحديث من لطم المسلم اليهودي.
٣ - والثالث: نهى عن تفضيلٍ يؤدي إِلى تنقيص بعضهم لا كل
تفضيل، ويؤيد هذا قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ﴾ (٣).
٤ - والرابع: قاله تواضعًا.
٥ - والخامس: نهى عن التفضيل في نفس النبوة، لا في ذوات الأنبياء، وعموم رسالاتهم، وزيادة خصائصهم (٤) "والله أعلم".
* * *
(١) سورة البقرة: الآية ٢٥٣.
(٢) سورة الإسراء: الآية ٥٥.
(٣) سورة الإسراء: الآية ٥٥.
(٤) أجمعت الأمة على أن بعض الأنبياء أفضل من بعض، وعلى أن سيدنا محمدًا ﷺ أفضل من الكل ويدل عليه وجوه:
أحدها: قوله سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾. سورة الأنبياء: الآية ١٠٧، فلما كان رحمةً لكل العالمين لزم أن يكون أفضلَ من كل العالمين. =
1 / 271