النضير بالإجلاء إلى أذرعات وأريحا. وقيل: هو ضرب الجزية على النضير في الشام وعلى من بقي من قريظة الذين سكنوا خيبر. ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب أي عذاب جهنم لما أن معصيتهم أشد المعاصي وما الله بغافل عما تعملون (85) .
قرأ ابن كثير ونافع وعاصم بتاء الخطاب في «يعملون» وأما في «يردون» فالسبعة بالغيبة فقط وأما بتاء الخطاب فشاذة وهذه الجملة زجر عظيم عن المعصية وبشارة عظيمة على الطاعة.
أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا أي استبدلوها بالآخرة بأن اختاروا الكفر على الإيمان فلا يخفف عنهم العذاب لا بالانقطاع ولا بالقلة في كل وقت أو في بعض الأوقات ولا هم ينصرون (86) فلا يدفع أحد هذا العذاب عنهم. ولقد آتينا أي أعطينا موسى الكتاب أي التوراة وقفينا من بعده بالرسل أي أتبعناهم إياه مترتبين وهم يوشع وشمويل، وشمعون، وداود، وسليمان، وشعيا وأرميا، وعزير، وحزقيل، والياس، واليسع، ويونس، وزكريا، ويحيى وغيرهم وجميع الأنبياء بين موسى وعيسى على شريعة موسى. قيل: هم سبعون ألفا.
وقيل: أربعة آلاف، ومدة ما بينهما ألف وتسعمائة سنة وخمسة وعشرون سنة وآتينا عيسى ابن مريم البينات أي المعجزات كإحياء الموتى وإبراء الأكمه- سواء كان كمهه خلقيا أو طارئا- وإبراء الأبرص، وكالإخبار بالمغيبات، وكالإنجيل. ثم عيسى بالسريانية أيشوع ومعناه:
المبارك. ومريم بالسريانية بمعنى الخادم. وفي كتاب لسان العرب: هي المرأة التي تكره مخالطة الرجال. وأيدناه قرأه ابن كثير بمد الهمزة وتخفيف الياء أي قويناه
بروح القدس
وهو جبريل وهو الذي بشر مريم بولادتها وإنما ولد عيسى عليه السلام من نفخة جبريل وهو الذي رباه في جميع الأحوال وكان يسير معه حيث سار، وكان معه حين صعد إلى السماء. أفكلما جاءكم يا معشر اليهود رسول بما لا تهوى أنفسكم أي بما لا يوافق قلوبكم من الحق استكبرتم أي تعظمتم عن الإيمان به والاتباع له ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون (87) أي كذبت طائفة محمدا صلى الله عليه وسلم، وعيسى عليه السلام، وقتل فريق يحيى وزكريا وقالوا أي اليهود: قلوبنا غلف أي مغشاة بأغطية عن قولك يا محمد، أو قلوبنا أوعية لكل علم وهي لا تعي علمك وكلامك بل لعنهم الله بكفرهم أي ليس عدم قبولهم للحق لخلل في قلوبهم ولكن الله أبعدهم عن رحمته بسبب كفرهم فأبطل استعدادهم عن القبول فقليلا ما يؤمنون (88) أي لا يؤمنون إلا بالقليل مما كلفوا به لأنهم كانوا يؤمنون بالله، إلا أنهم كانوا يكفرون بالرسل.
وقال قتادة والأصم وأبو مسلم: أي لا يؤمن منهم إلا القليل وذلك نظير قوله تعالى: بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا [النساء: 155] ولما جاءهم أي اليهود المعاصرين له صلى الله عليه وسلم كتاب من عند الله وهو القرآن مصدق لما معهم أي موافق لكتابهم التوراة بالتوحيد
صفحة ٣١