53

المرأة في القرآن

تصانيف

ومن ثم نرى أنه ما من وسيلة تنجع في اجتناب الفرقة بين الزوجين لم ينصح بها القرآن الكريم لكل منهما، فيما يطلب من الرجل أو يطلب من المرأة، وترجى منه الفائدة في الواقع. فإذا نفدت حيلة المراجعة وانتظار المهلة، وبطلت مساعي الصلح بين الأهل والأقارب، وأسفرت تجربة الطلقة الراجعة مرة بعد مرة عن قلة اكتراث للجفاء، وإصرار على الفراق، فليس في الزواج إذن بقية تحمي من الطلاق، ولعل الطلاق يومئذ أرحم بالمرأة من علاقة منغصة، تربطها برجل يجفوها ويبخل عليها بقوتها، ويتمنى لها الموت ليبتعد عنها؛ إذ كانت عشرتها غلا في عنقه لا يفصمه غير الموت، ولا إيذاء في هذا الطلاق للزوج ولا للزوجة ولا للمجتمع؛ إذ لا بقاء إذن لشيء يصح أن يسمى بالزواج.

ومتى تم الفراق الذي لا حيلة فيه، تكلفت الشريعة للزوجة المطلقة بكل ما يلزم الرجل من حقوقها ومصالحها، ومن حقوق أبنائها وأبنائه، وتأبى الشريعة العادلة أن تعتمد على حنان الأب وحده لرعاية أبنائه؛ لأنها مسئولة عن حق الأم حياله، حتى تستوفيه لها غاية ما يسع الشرائع من استيفاء.

وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين [البقرة: 241].

وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف [البقرة: 231].

ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف [البقرة: 236].

وعلى الزوج أن يوفي الزوجة المطلقة صداقها كاملا لا يستحل منه شيئا لنفسه:

وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا [النساء: 20].

ولا يحق للرجل أن يخرج المرأة من بيتها قبل وفاء عدتها فيه:

لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة [الطلاق: 1].

أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى * لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا [الطلاق: 6، 7].

صفحة غير معروفة