فينكشف الخطأ في اعتقاد الطوائف الاخرى وشذوذها ، وتصبح الرابطة بينهما حكيمة الأساس.
هذه هي الحقيقة في زيارة أئمة الهدى أجمع ، فإنهم الطريق المهيع ، والسبيل الجديد إلى كل هدى متبع ، وناموس مصلح ، وطقس مهذب ، ورشد هاد ، ومعرفة كاملة. كما أنه يجب أن يعتقد فيهم ذلك بعد الوقوف على فضلهم الظاهر ، وعلومهم الجمة ، وورعهم الموصوف ، ومعاجزهم الخارجة عن حد الاحصاء. ولا شك أن في المثول حول مشاهدهم المقدسة بداعي الزلفى للمولى سبحانه ، مزيدا لهاتيك العقيدة ورسوخها.
هذا هو السبب الوحيد لتشريع الزيارة. أما تخصيص سيد الشهداء بزيارات خاصة في أيام السنة زائدا على ما جاء في الحث المتأكد على زيارته المطلقة دون سائر الأئمة ، بل لم يخصص سيد المرسلين (ص) بزيارة خاصة فيتصور لذلك علل وأسباب :
أهمها : إن النزعة الاموية لم تزل تنجم وتخبو في الفينة بعد الفينة ، تتعاوى بها ذوو أغراض مستهدفة وإن أصبح الامويون رمما بالية ، ولم يبق منهم إلا شية العار ، وسبة عند كل ذكر. لكن بما أنها إلحادية يتحراها لفيفهم ، ومن انضوى إليهم من كل الأجيال ، فكان هم أهل البيت (ع) إخمادها ، ولفت الأنظار إلى ما فيها من المروق عما جاء به المنقذ الأكبر (ص)، الذي لاقى المتاعب في سبيل نشر دعوته واحيائها. ومن الطرق الموجبة لتوجيه النفوس نحوها ، وتعريف مظلوميتهم ، ودفعهم عن الحق الإلهي المجعول لهم من المشرع الأعظم ذكر قضية سيد الشهداء (ع)؛ لاحتفافها بمصائب يرق لها قلب العدو الألد ، فضلا عن الموالي المشايع لهم ، المعترف بما لهم من خلافة مغتصبة.
فأراد الأئمة (عليهم السلام) أن تكون شيعتهم على طول السنة ، ومر الأيام غير غافلين عما عليه السلطة الغاشمة من الإبتعاد عن النهج القويم ؛ فحملوهم على المثول حول مرقد سيد شباب أهل الجنة (ع) في مواسم خاصة وغيرها ، فإن طبع الحال قاض بأنهم في هذا المجتمع يتذاكرون تلك القساوة التي استعملها الامويون ؛ من ذبح الأطفال ، وتسفير حرم الرسالة من بلد لآخر :
صفحة ١٠٥