182

* الأمان

وصاح الشمر بأعلى صوته : أين بنو اختنا (1)؟ أين العباس وإخوته؟ ، فأعرضوا عنه ، فقال الحسين : «أجيبوه ولو كان فاسقا» ، قالوا : ما شأنك وما تريد؟ قال : يا بني اختي أنتم آمنون ، لا تقتلوا أنفسكم مع الحسين ، والزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد. فقال العباس : لعنك الله ولعن أمانك ، أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له (2)، وتأمرنا أن ندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء (3).

أيظن هذا الجلف الجافي أن يستهوي رجل الغيرة والحمية إلى الخسف والهوان ، فيستبدل أبو الفضل الظلمة بالنور ، ويدع علم النبوة وينضوي إلى راية ابن ميسون؟! كلا.

ولما رجع العباس ، قام إليه زهير بن القين وقال : احدثك بحديث وعيته؟ قال : بلى ، فقال : لما أراد أبوك أن يتزوج ، طلب من أخيه عقيل وكان عارفا بأنساب العرب أن يختار له امرأة ولدتها الفحولة من العرب ؛ ليتزوجها فتلد غلاما شجاعا ينصر الحسين بكربلاء ، وقد ادخرك أبوك لمثل هذا اليوم ، فلا تقصر عن نصرة أخيك وحماية أخواتك.

فقال العباس : أتشجعني يا زهير في مثل هذا اليوم؟! والله لأرينك شيئا ما رأيته (4)، فجدل أبطالا ونكس رايات في حالة لم يكن من همه القتال ولا مجالدة الأبطال ، بل همه إيصال الماء إلى عيال أخيه.

صفحة ٢٠٩