ووضح لابن الزبير ما عزم عليه الحسين من ملاقاة الوالي في ذلك الوقت ، فأشار عليه بالترك حذار الغيلة ، فعرفه الحسين (ع) القدرة على الامتناع (2) . وصار إليه الحسين في ثلاثين (3) من مواليه وأهل بيته وشيعته ، شاكين بالسلاح ، ليكونوا على الباب فيمنعونه إذا علا صوته (4) وبيده قضيب رسول الله (ص). ولما استقر المجلس بأبي عبد الله (ع)، نعى الوليد إليه معاوية ، ثم عرض عليه البيعة ليزيد ، فقال (ع): «مثلي لا يبايع سرا ، فإذا دعوت الناس إلى البيعة دعوتنا معهم ، فكان أمرا واحدا» (5).
فاقتنع الوليد منه ، لكن مروان ابتدر قائلا : إن فارقك الساعة ولم يبايع ، لم تقدر منه على مثلها حتى تكثر القتلى بينكم ، ولكن احبس الرجل حتى يبايع أو تضرب عنقه.
فقال الحسين : «يابن الزرقاء (6) أنت تقتلني أم هو؟! كذبت وأثمت» (7).
وفي تاريخ الطبري 8 / 16 ، كان مروان بن محمد بن الأشعث يقول : لم يزل بنو مروان يعيرون بالزرقاء وان بني العاص من أهل (صفورية).
غير خفي أن أدب الشريعة وإن حرج على المؤمن التنابز بالالقاب والطعن في الأنساب ، ومن تستفاد منه الحكم والآداب الإلهية أحرى بالأخذ بها ، إلا أن إمام الامة والحجة على الخليفة العارف بالملابسات لا يتعدى هذه المقررات ، وابتعادنا عن مقتضيات أحوال ذلك الزمن يلزمنا بالتسليم للإمام المعصوم (ع) في كل ما يصدر منه خصوصا مع مطابقته للقرآن العزيز الذي هو مصدر الأحكام ، والتعيير الصادر من الحسين لمروان صدر مثله من الجليل عز شأنه مع الوليد بن المغيرة المخزومي إذ يقول في سورة القلم 13 : ( عتل بعد ذلك زنيم ) والزنيم ، في
صفحة ١٣٠