٤ وعلى قياس هذا المثال فينبغى أن نتوهم على صناعة القدح للماء فى العين أنها إنما هى جزء من صناعة الطب كلها على مثال ما هو جزء من بدن الإنسان كله العضو الذى يسمى آلة من الآلات وكل واحد من أجزاء صناعة قدح الماء الذى فى العين نظير الأركان المحسوسة من البدن وأجزاء هذه الصناعة هى العلوم التى فى النفس منا وهى التى تسمى أبواب العلم أولها علم جملة صورة المقداح والثانى معرفة الجزء من العين الذى ينبغى يقتدح فيه والثالث معرفة تقدير تعويضه — قال حنين يعنى نحو الحدقة — والرابع معرفة تقدير إحالته والخامس معرفة تقدير الماء ونقله من الموضع الذى يثبت فيه — قال حنين يعنى الحدقة — والسادس معرفة تقدير إبعاده والسابع معرفة تقدير تغليقه فإن هذه الأجزاء هى أقصى العلوم وأقل قليلها وأبسطها وما لا يقبل منها القسمة إلى علوم أخر هى أبسط منها وعلوما قلت أو معارف أو حكما أو أبواب علم فلا تتوهمن أن بين قولى فى هذا فرق أصلا فى هذا الفن الذى قصدنا إليه وكذلك أجزاء قلت أو أعضاء أو نتفا فلا فرق بين ذلك فى هذا الفن فعلم القدح مركب من هذه العلوم الجزئية التى عددت وأما جملة شفاء الماء المتولد فى العين فيحتاج مع هذه الى علمين آخرين أحدهما متقدم فى مرتبته وهو الذى يتقدم فيهيئ والآخر هو الذى به يتم الشفاء فإن الطبيب إذا تضمن علاج من به ماء فى عينيه وكان فى بدنه امتلاء كبير أعنى كثرة من الأخلاط أو خلط ردئ أو صداع فرام قبل أن يصلح من هذه الأشياء أن يعالج عينه بالقدح أحدث ورما فى الطبقات التى ينقبها ويكسب للرأس كله مشاركة فى العلة للعين فكى لا يكون ذلك يحتاج إلى الصناعة التى تتقدم فتعد وتهيئ والغرض فيها أن ينقى جملة البدن من الفضل ويسكن الوجع عن الرأس والعلوم التى منها تكون هذه الأشياء هى أركان صناعة الطب وكذلك أيضا العلوم التى منها من بعد القدح نحفظ العينين حتى لا يحدث فيها ورم ويحفظ الرأس حتى لا يحدث فيه وجع هى أركان من أركان الطب أعنى أجزاء من أقصى أجزائه وما لا يكون أقل منه وينبغى أن ينقل هذا القول الذى أجريته على طريق المثال إلى جميع العلل حتى يكون علم شفاء كل واحد منها أى علة كانت جزءا من الطب نظير لما هو جزء من بدن الحيوان ذلك الجزء الذى يسمى آلة من الآلات وهاهنا أيضا موضع غلط قبل أن نلخص جملة هذا المعنى حتى نستقصى تلخيصها فإن ظانا لعلة يظن أنه كما أن للماء فى العين صناعة تشفيه كذلك للورم على الإطلاق — قال حنين افهم من قوله فى هذا الموضع الورم الذى يحدث عن الدم الذى يسميه اليونانيون فلغمونى فإن هذا وحده يسمونه ورما على الإطلاق — صناعة تشفيه وعلى هذا المثال للقرحة أيضا والكسر والجمرة وسائر العلل وليس كذلك حقيقة الأمر لكن على مثال ما هو جزء من البدن ذلك الذى يقال له آلة — قال حنين افهم عنده قوله آلة فى هذا الموضع آلة على الطريق العام — كذلك هو جزء من الطب معرفة شفاء الورم على مثال ما العين جزء من البدن على ذلك المثال بعينه معرفة شفاء الرمد جزء من الطب وأعنى بالرمد ورما ما يحدث فى اللباس الخارج عن سائر لباس العين وهذا المرض إذا كان فى الرئة يسمى ذات الرئة وإذا كان فى الغشاء المستبطن للأضلاع سمى ذات الجنب فإن هذه العلل إنما هى أورام ما تحدث فى أعضاء ما والحيلة فى شفاء الورم الذى يقال على الطريق الجنسى غير الحيلة فى شفاء الورم المحدود فى أى عضو هو كما أن الآلة التى تقال على الطريق الجنسى هى غير الآلة التى تقال على طريق التلخيص إذ كانت الحيلة لمداواة الورم غير الحيلة لمداواة الورم الحادث فى هذا العضو المشار إليه كما بينت فى مقالاتى من كتاب حيلة البرء
[chapter 5]
صفحة ٣٤