وقد يمكنه، اذا أراد فى وقت من الأوقات أن يرى أن اختياره ليس هو اضطرارا أو ماحك، أن يختار ما لا يظن به أنه أولى. وأيضا أن لم نكن أبدا متشابهين فى السجية التى بها نروى، لم نختار أبدا أشياء بأعيانها، وان كانت الأمور المحيطة بنا متشابهة. واذا لم يكن اختيارنا بأشياء متشابهة، اذا كانت الأمور المحيطة بنا متشابهة، ونحن غير متشابهين 〈ولا〉 واحد بعيننا، فمن البين أن الأمور المحيطة بنا المتشابهة ليست أسباب اختيار الأشياء المتشابهة، لاكن الشىء، أقول الانسان الذى أحاطت به، اذ كانت متشابها 〈لنفسه〉.
و〈أما〉 بالجملة فان التماس النفس بالحجة أن لنا استطاعة، وهو على مثل ما هو عليه من الظهور، هو فعل من لا يحسن التمييز بين ما هو معروف وبين ما ليس هو معروف؛ وهذا المعنى، كما قلنا، يتبين من أشياء كثيرة، من الرؤية ومن الندامة ومن المشاورة لمن يفهم الأمور ومن الحكم ومن الصد عن الشىء 〈و〉من المديح ومن الذم ومن الاكرام 〈ومن العقاب〉 ومن التعليم ومن الأمر ومن التكهين ومن الدعاء ومن التعويد 〈ومن التشريع〉.
صفحة ٢٠٥