وذلك أن الله، تبارك وتعالى، هو الأصل لجميع القوة الحقيقية على العناية بالأشياء الثانية. غير أن من الشنع القبيح وضع الواضح بأن الله، عز وجل، عارف وناظر لكل واحد من الموجودات ولما يكون ويحدث عنها. وذلك أن هذا لا يطلقه من هو متماسك الفهم ولا فى الانسان، وهو أن يكون مصروف العناية الى سائر ما فى منزل، حتى يبلغ بها الى الفأر والنمل مما فيه وكذلك الى كل واحد من سائر الأشياء الأخر التى فى منزله، على أن لقائل أن يقوم ان نظم الرجل الكريم لجميع ما فى منزله والكل واحد منها فى موضعه وتقسيطه لها بحسب الاستحقاق ليس هو جميل من أفعاله أو لائق به، لاكن كل ما كان مبرزا فى ذلك متقدما فيه، فيحسب ذلك يكون مثل هذه الألفعال ومثل التعفقد مباينة له غربية له فان كانت هذه الأشياء ليست لائقة بذوى الأفهام من الناس غير أهل لمن كان من الناس ذا فهم وغيره، فأوجب منه كثيرا أن يكون لله، جل ثناؤه، يعلوعن أن يقال فيه أنه يصرف تفقده الى الناس والفأر والنمل التى هى غير مساوية لنا وان عنايته تلحق الناس وسائر الأشياء التى هاهنا على هذه الجهة التى ذكرت.
صفحة ٢٥