باب ذكر الأطفال
وذكر الله في كتابه آيات دل فيها أنه لا يعذب الأطفال والمجانين ولا من ليس له ذنب فقال عز وجل: { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } [الإسراء: 15]، والأطفال لم يأتهم رسول، وكذلك المجانين. وقال: { ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا } [طه: 134]، فأخبر أنه لا يعذب أحدا بذنب غيره. وقال: { وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون } [القصص: 59]، والأطفال فلم يأتهم رسول، ولا تلي عليهم كتاب، وليسوا ظالمين. وقال: { ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون } [الأنعام: 131]، ولا غفلة أشد من غفلة الأطفال والمجانين.
فإن زعم زاعم أن الله يؤاخذهم بما علم منهم فقد كذب الله في خبره، وجوره في حكمه؛ لأنه لو رد أهل النار إلى الدنيا لعادوا كما قال عز وجل، فلم يؤاخذهم بما علم منهم إذ لم يفعلوه. وقال: { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض } [الشورى: 27]، فقد علم أنه لو بسط لبغوا، فلم يؤاخذهم بذلك، فالأطفال أجدر أن لا يؤاخذهم بما لم يكن منهم، تعالى الله عما يقول الجاهلون علوا كبيرا.
فبهذه الآيات ونحوها علمنا أن الله لا يعذب الأطفال يوم القيامة، ولا يؤاخذهم بذنوب آبائهم، ولا بما علم منهم مما لم يفعلوه، وكذلك أطفال المؤمنين والمشركين، وأولاد الزنى والمجانين إذا أصابهم الجنون في صغرهم فلم يفيقوا حتى ماتوا، فتعالى الله عما يقول الجاهلون علوا كبيرا.
باب ذكر حسن نظر الله لعباده
صفحة ٢٢٦