وقال: { كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا } [الكهف: 5]، وقال: { ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم } [البقرة: 109]، وقال: { رهبانية ابتدعوها } [الحديد: 27]، فلو كان خلقها وشاركهم فيها لم يقل { ابتدعوها{ ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وقال: { إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا } [العنكبوت: 17]، فنسب ذلك إليهم، واخبر أنهم فعلوه، ولم يقل إني خلقت الإفك معهم، ولا تفردت به دونهم كما زعم الجاهلون، فلو كان كما يقول الجاهلون، لكان للإفك خالقان، أحدهما الله، والآخر إنسان، تعالى من لا شريك له ولا خالق لخلقه سواه. وقال: { لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا } [مريم: 90]، وقال: { إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم } [النور: 11]، فبين تبارك وتعالى الذين جاؤا بالإفك وادعوا الولد على الله، عز وجل، ثم تبرأ من ذلك، ونفاه عن نفسه، وقال: { وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا } [مريم: 90]، فاخبر أنه لم يتخذ ذلك لنفسه، فلو كان خلق مقالتهم وفعلهم كان هو الذي جاء بها وقالها، ومن وصف الله بهذا لزمه ان يزعم أن الله اتخذ الولد، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
وكل ما قلنا لم يخلقه الله فإنما نعني لم يفعله، فلا يتوهم أحد علينا غير ذلك، فبهذه الآيات ونحوها علمنا أن الله لم يخلق أعمال العباد، ولم يفعلها، ولم يشاركهم فيها، عالى من ليس له شريك، وليس كمثله شيء.
صفحة ٢٢٣