وقال: { ما جعل الله من بحيرة ولا سآئبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب } [المائدة: 103]، وقد علمنا أن الله خلق الشاة والبعير، فلم ينفي عن نفسه ما خلق، وإنما نفى عن نفسه تحريمهم ما حرموا، وكفرهم وحكمهم بما لم يأمرهم الله به، ولم يأذن لهم فيه، فقال: { قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون } [يونس: 59]، فلو كان ذلك التحريم، وذلك القول الذي قالوا، وجعل ذلك الشق الذي شقوه في أذان أنعامهم منه، لم يكن ليقول مرة ليس هو من عندي، ومرة لم أجعله، ومرة من عندهم، ومرة لم آذن لهم فيهم، وهم الذين جعلوه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وقال: { وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل } [الأحزاب: 4]، فأخبر تبارك وتعالى أنه لم يجعل ذلك الذي جعلوه ، ولم يقل ذلك القول الذي قالوه، وأنه قولهم بأفواههم، وأنه لا يقول إلا حقا، فلو كان خلقه وصنعه كما يقول من لا علم له لم ينفه عن نفسه، وينسبه إلى عباده، كما لم ينف عن نفسه خلق السموات والأرض، ولا شيئا مما خلق، ولا نسب شيئا مما خلق إلى فعل عباده، عز عن ذلك وتعالى علوا كبيرا.
وقال: { إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان } [النجم: 23] والسلطان الحجة، فلو كان خلقها وصنعها كما زعموا لكان قد أنزل لهم بها السلطان، والله يتعالى من أن يكون لأحد عليه حجة.
صفحة ٢٢٢