للحجر الأسود والأركان، لم يعبدوا سوى من أمرهم بذلك.
ثم السجود والخضوع لعروض بعض الأسباب، لا ينافي الأخلاص لرب الأرباب.
روى أبو داود والترمذي، عن عكرمة، قال: قيل لابن عباس: ماتت (فلانة) - بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم -، فخر ساجدا، فقيل له: تسجد في هذه الساعة؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا رأيتم آية فاسجدوا، وأي آية أعظم من ذهاب أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم (1).
فعلى هذا لو سجد من رأى ميتا أو، قبرا، أو شيئا عجيبا، ذاكرا لعظمة الله - كما يصنعه بعض العارفين - لم يكن به بأس.
وعبادة الأصنام وبعض الصالحين، مع نهي الأنبياء والمرسلين الذين دلت على صدقهم المعاجز (2) والبراهين، محض عناد وخلاف على رب العباد، ولو أنهم أخذوا عن قول الله ورسله، لم يكن عليهم إيراد.
كما أن (السيد) لو قال لعبده: تبرك بثياب (فلان)، ونعله، وترابه، ففعل، كان عابدا للمولى. وأما لو نهاه المولى، أو أخذ بمجرد الظن الذي لا يغني عن الحق شيئا، أو الخرص (3)، لكان عاصيا مخالفا.
ألا ترى أن من جعل المرضعات أمهات، ليس كمن جعل المصاهرات، ومن حرم الوصيلة، والسائبة، والحام (4)، ليس كمن حرم الجلالة (5) من الأنعام.
وليس تحريم الأشهر الحرام كتحريم غيرها من باقي أشهر العام، وليس صيام آخر شهر رمضان كصيام أول شوال. كل ذلك للفرق بين الأمر والاختراع، والقول بمجرد
صفحة ٥٤١