واحتجوا بأن لفظ المس واللمس استعملا في كلام الله بمعنى الجماع، كما قال تعالى:
﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [البقرة:٢٣٧]، وقال سبحانه في آية الظهار: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾ [المجادلة:٣] وسبب الخلاف: اشتراك اسم اللمس في كلام العرب على مجرد المس وعلى الجماع (^١).
قلت: والراجح أن المراد بالملامسة في الآية الجماع.
وذلك لصحة الخبر عن عائشة ﵂: " أن رسول الله ﷺ قبل بعض نسائه
ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ " (^٢)، وفيه دلالة واضحة على أن اللمس المجرد لا ينقض الوضوء (^٣).
ومن المرجحات لهذا المعنى:
١ - أنه لم يصرَّح في القرآن بالجماع وإنما عبر عنه بالنكاح أو المس والملامسة.
٢ - أنه لم يثبت الوضوء عن النبي ﷺ من المس مع عمومه وحاجة الناس إليه.
٣ - أن حمله على الجماع يفيد صفة التيمم للحدث الأكبر، وفي هذا زيادة فائدة.
(^١) بداية المجتهد ص ٣٦.
(^٢) أخرجه أحمد ٦/ ٢١٠، وأبو داود في كتاب الطهارة باب الوضوء من القبلة (١٧٩)، والترمذي في أبواب الطهارة باب ما جاء في ترك الوضوء من القبلة (٨٦)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ١/ ٢٦، وقال محقق المسند: (إسناده صحيح) ٤٢/ ٤٩٧.
(^٣) ينظر للاستزادة في هذه المسألة: معاني القرآن للنحاس ٢/ ٢٧٥، أحكام القرآن لابن العربي ١/ ٥٦٣ وجعلها من مسائل الخلاف الطيولية، المجموع ٢/ ٣٠ فقد أطال بذكر الفروع والأدلة ومناقشتها، بداية المجتهد ص ٣٥.
1 / 193