ورأيت في كتاب الجواهر في مذهب مالك إذا اتجر أهل الذمة بالخمر قال ابن نافع: إذا جلبوه إلى أهل الذمة لا إلى أمصار المسلمين التي لا ذمة فيها فاستشعرت منها أن أهل الذمة لم يكونوا في الأمصار في ذلك الوقت وإنما كانوا في القرى ولعل الأمر كذلك ثم حدث سكناهم الأمصار بعد العلماء المتقدمين لفساد الزمان، ولعل أبا حنيفة إنما قال بإحداثها في القرى التي يتفردون بالسكنى فيها على عادتهم في ذلك المكان، وغيره من العلماء بمنعها لأنها في بلاد المسلمين وقبضتهم وإن انفردوا فيها فهم تحت يدهم فلا يمكنون من إحداث الكنائس لأنها دار الإسلام ولا يريد أبو حنيفة أن قرية فيها مسلمون فيمكن أهل الذمة من بناء كنيسة فيها.
فإن هذه في معنى الأمصار فتكون محل إجماع وتكون الألف واللام في القرى التي جرت عادتها بسكنهم فيها لاشتغالهم بأعمال المسلمين من الفلاحة وغيرها.
أو لما يرجى من إسلامهم صاغرين باذلين للجزية، فإنا لو لم نبقهم في بلاد الإسلام لم يسمعوا محاسنه فلم يسلموا ولو بقيناهم بلا جزية ولا صغار غروا وأنفوا فبقيناهم بالجزية لا قصدا فيها بل في إسلامهم.
صفحة ٤٤