وذلك أن عمر لم يقر أحدا من أهل الشرك في أرض قد قهر من فيها الإسلام وغلبه لم يتقدم قبل قهره إياهم مبدله أو من المؤمنين عقد صلح على الترك فيها إلا على النظر فيه للإسلام وأهله لضرورة حاجة المسلمين إلى إقرارهم فيها وذلك كإقراره من أقر من نصارى نبط سواد العراق في السواد بعد غلبة المسلمين عليه كإقراره من أقر من نصارى الشام فيها بعد غلبهم على أرضها دون حصونها فإنه أقرهم فيها لضرورة كانت للمسلمين إليهم للفلاحة والإكارة وعمارة البلاد إذ كان المسلمون كانوا بالحرب مشاغيل ولو كانوا أجلوا عنها خربت الأرضون وبقيت غير عامرة لا تواكر فكان فعله ذلك نظير فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل وزيره الصديق في يهود خيبر ونصارى نجران فإنه صلى الله عليه وسلم أقر يهود خيبر بعد قهر الإسلام لهم وغلبة أهله عليهم واستيلائهم على بلادهم فيها عمالا للمسلمين وعمارا لأرضهم وأموالهم إذ كانت للمسلمين يومئذ ضرورة حاجة إليهم لعمارة أرضهم وشغلهم بالحرب ومناوأة الأعداء ثم أمر صلى الله عليه وسلم بإجلائهم عند استغنائهم عنهم وقد كانوا سألوه عند قهره إياهم إقرارهم في الأرض عمارا لأهلها فأجابهم إلى إقرارهم فيها ما أقرهم الله، وأما إقرارهم مع المسلمين في مصر لم يكن تقدم منهم في تركهم والإقرار قبل غلبة الإسلام عليه أو ظهوره فيه عقد صلح بينهم وبين المسلمين فما لا نعلمه صح به عنه ولا عن غيره من أئمة الهدى خبر ولا قامت بجواز ذلك حجة بل الحجة الثابتة والأخبار عن الأئمة بما قلناه في ذلك دون ما خالفه، حدثنا محمد بن يزيد حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن قيس بن الربيع عن أبان بن تغلب عن رجل قال: كان منادي علي ينادي كل يوم لا يبيتن بالكوفة يهودي ولا نصراني ولا مجوسي الحقوا بالحيرة أو بزرارة.
حدثنا محمد بن يزيد الرفاعي ثنا ابن فضيل عن ليث عن طاوس عن ابن عباس قال لا يساكنكم أهل الكتاب في أمصاركم فمن ارتد منهم فلا تقبلوا إلا عنقه.
صفحة ٢٨