وهذه القصة حجة في ذلك ومفسرة لأن المراد بالإبقاء عدم الهدم ثم هو إنما يثبت بالشرط أعني شرط كون البلد لهم أو لم يجز إلا بأمير فقط لأن الأصل بقاء ملكهم، ومعنى بقاء الأرض لهم أنها على ما كانت عليه فمن له منها فيها ملك مختص به ولم يكن في نجران أحد من المسلمين. وقد اختلف أصحابنا في إحداث الكنائس في مثل ذلك وذكرناه فيما مضى، وقول الرافعي الظاهر أنه لا منع منه.
ويدور في خلدي أن نجران وما أشبهها من دومة ونحوها لم يوجف المسلمون عليه ولا طرقوه وإنما جاء أهل نجران إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما وصفنا وجاء رسوله صلى الله عليه وسلم وهو خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة وكذا إلى جهات أخرى وكلهم أطاعوا للجزية واستقروا في بلادهم، وقد يكون بلدا وجف المسلمون عليها بالخيل والركاب ولم يتفق أخذها عنوة ولا صلحا على أن يكون ملكنا بل على أن يكون ملكهم بخراج فهل قول الفقهاء خاص بالثاني أو عام في القسمين؟ والأقرب الثاني؛ لأن ذلك نوع من الفتح ويعد مما هو تحت أيدي المسلمين.
صفحة ٢٤