فانظر كم في هذه القصة من فائدة وتركهم لما وصلوا إلى المشرق ليس إحداث فعل من المسلمين تأنيس لهم رجاء إسلامهم والإعراض عنهم وعدم كلامهم لما كانوا عليه من الزي والحرير بذلك على أن الذي نقرهم عليه إنما هو بغير فعل منا، وعقده الصلح مع كبارهم محمول على أن جميعهم راضون به، والمصالحة على الحلل وغيرها دليل على أنه لا يتعين في الجزية الذهب والورق، وفي بعض الروايات قال أو قيمتها أواقي.
فأما الحلل فيمكن أن يقال إنها معلومة وأما التردد بينها بين قيمتها فإن ثبت في الحديث دل على اغتفار هذه الجهالة على أن ما ذكر من الدروع والسلاح يقتضي ذلك ويوافقه ما يشترط عليهم من الضيافة، والأصحاب اجتهدوا في بيان إعلامها على الوجه المشترط في سائر العقود والظاهر أن أرض نجران بقيت على ملكهم فهي الصورة التي ذكر الأصحاب فيها الفتح صلحا على أن تكون رقبة البلد لهم ويؤدون الخراج عنها وإلا منع من بقاء الكنائس فيها.
صفحة ٢٣