[17] فتدل هذه الأحوال كلها التي شرحناها على أن الأضواء القوية التي تكون في المبصرات قد تخفي بعض المعاني التي في بعض المبصرات، وأن الأضواء الضعيفة التي تكون في المبصرات قد تظهر بعض المعاني التي في بعض المبصرات.
[18] وأيضا فإن المبصرات التي فيها نقوش دقيقة أو وشوم أو معان لطيفة قد يخفى كثير من المعاني التي فيها إذا كانت في الأضواء الضعيفة وفي المواضع المغدرة، وإذا أبرزت إلى المواضع المضيئة وقوي الضوء الذي عليها أو جعلت في ضوء الشمس ظهرت المعاني التي تكون فيها التي كانت تخفى في المواضع المغدرة وفي الأضواء الضعيفة. وكذلك الخط الدقيق قد يعجز البصر عن إدراكه في المواضع المغدرة وفي الأضواء الضعيفة، وإذا برز إلى الأضواء القوية أدركه البصر.
[19] فتدل هذه الحال على أن الأضواء القوية قد تظهر كثيرا من المعاني التي في المبصرات، وأن الأضواء الضيعفة قد تخفي كثيرا من المعاني التي في المبصرات.
[20] وأيضا فإنا نجد الأجسام الكثيفة المتلونة بألوان مشرقة، كالأرجوانية واللازوردية والخمرية والفرفيرية، إذا كانت في مواضع مغدرة وفي أضواء ضعيفة ظهرت ألوانها كدرة، وإذا كانت في ضوء قوي ظهرت ألوانا مشرقة صافية، وكلا ازداد الضوء الذي عليها قوة ازدادت ألوانا إشراقا وصفاء. وإذا كان واحد من هذه الأجسام في مكان مظلم، وليس فيه لا ضوء يسير جدا، فإن ذلك الجسم يظهر مظلما ولا يتيقن البصر لونه ويظن به أنه أسود. فإذا أخرج إلى المواضع المضيئة وقوي الضوء الذي عليه ظهر لونه وتميز للبصر.
[21] ونجد أيضا الأجسام البيض الكثيفة إذا أشرق عليها ضوء قوي ازدادت بياضا وإشراقا عند الحس، ونجد الأجسام الكدرة الألوان إذا أشرقت عليها الأضواء القوية صفت ألوانها وأسفرت.
صفحة ١٢٥