[134] وقد يعرض الغلط في وضع المبصر أيضا من أجل خروج حجمه عن عرض الاعتدال. وذلك أن المبصر إذا كان في غاية الصغر وكان في مقدار الخردلة أو قريبا منها، وكان سطحه مع <ذلك> مسطحا، فإن البصر إذا أدرك المبصر الذي بهذه الصفة، وكان سطحه مائلا عن خطوط الشعاع ميلا يسيرا، فإن البصر لا يدرك ميله، ولا يفرق بين وضعه إذا كان مائلا ميلا خفيا وبين وضعه إذا كان مواجها، بل إنما يدركه في الحالتين كأنه مواجه. وذلك أنا إذا توهمنا الخط المستقيم المعترض الذي يمر بوسط نهاية السطح المبصر الذي في غاية الصغر، الذي هو السطح المائل على خطوط الشعاع، ويكون هذا الخط عمودا على السهم المشترك، وهو الخط الذي يحد سمت المواجهة، فإن بعدي طرفي نهاية السطح المائل عن هذا الخط المعترض يكون كل واحد منهما في غاية الصغر. وإذا كان ميل هذا السطح يسيرا، وكان مقدار المبصر في غاية الصغر، كان مجموع هذين البعدين في حد من الصغر ليس للحس قدرة على إدراكه، وإن كان المبصر على وجه الأرض، وكان بعده مسامتا لأجسام مرتبة، وكان بعده عن البصر من الأبعاد المعتدلة. ومجموع هذين البعدين هو يساوي على التقريب لاختلاف بعدي طرفي المبصر الذي بهذه الصفة عن البصر. وميل المبصر إنما يدركه البصر من إدراكه لاختلاف بعدي طرفيه. فإذا كان احتلاف بعدي طرفي المبصر غير محسوس فليس يدرك البصر ميل ذلك المبصر. فإذا أدرك البصر المبصر الصغير الحجم الذي على هذه الصفة التي وصفناها فليس يدرك ميله ولا يفرق بين وضعه المائل وبين الوضع المواجه.
[135] وإذا توهمنا هذا المبصر ممتدا في جهة التباعد والتقارب ومتزيدا في السعة، فإن طرفيه يبعدان عن الخط المعترض ويتزيد بعدهما بتزيد المبصر. وإذا بعد طرفا المبصرالذي بهذه الصفة عن الخط المعترض فسينتهيان إلى حد يصير مجموع البعدين بل كل واحد منهما محسوس القدر من ذلك البعد بعينه الذي لوسط المبصر، الذي لا يدرك منه البصر مجموع بعدي طرفي المبصر الذي في غاية الصغر. ومجموع بعدي طرفي السطح المائل هو اختلاف بعدي طرفي المبصر على التقريب. فإذا كان المبصر مقتدر الحجم، وكان سطحه مائلا عن سمت المواجهة، فقد يدرك البصر ميله، وإن كان ميله مساويا لميل المبصر الذي في غاية الصغر الذي لا يدرك البصر ميله. فإذا كان المبصر في غاية الصغر، وكان سطحه مسطحا، وكان سطحه المسطح مائلا عن سمت المواجهة ميلا يسيرا، فإن البصر ليس يدرك ميله في أكثر الأحوال، وإنما يدركه كأنه مواجه للبصر.
صفحة ٤٧٦