407

كتاب المناظر

تصانيف

[118] وقد يعرض الغلط في الخشونة والملاسة أيضا من أجل خروج الضوء الذي في المبصر عن عرض الاعتدال. وذلك أن المبصرات التي يدركها البصر في المواضع المغدرة وفي سواد الليل إذا كانت سطوحها خشنة وكانت الخشونة التي فيها يسيرة فإنه لا يدرك خشونتها. وكذلك المبصرات التي سطوحها ملس صقيلة ليس يدرك البصر ملاستها وصقالها في المواضع المغدرة، ولا يفرق البصر بين السطوح الخشنة وبين السطوح الملس إذا دركها في المواضع المغدرة وفي الغلس وفي سواد الليل. وإذا لم يحس البصر بالملاسة والخشونة فإنه ربما ظن بالأملس أنه خشن وبالخشن أنه أملس إذا شبه ذلك المبصر مبصر أخر يشبهه في المعاني الظاهرة ويخالفه في الملاسة والخشونة. وإذا ظن البصر بالبصر الأملس أنه خشن فهو غالط في خشونته، وإذا ظن بالخشن أنه أملس فهو غالط في ملاسته.

[119] وكذلك أيضا إذا أدرك البصر الجسم المشف، وأدرك الضوء من ورائه، وكان الضوء الذي يظهر من ورائه يسيرا، فإنه يدرك شفيف ذلك الجسم دون شفيفه الحقيقي، وإذا أدرك شفيف الجسم دون شفيفه الحقيقي فهو غالط في شفيفه. وإذا أدرك البصر الجسم المشف في موضع مغدر شديد الغدرة فإنه لا يدرك شفيفه، وإذا لم يدرك شفيفه فإنه يظنه كثيفا إذا لم يتقدم علم الناظر بشفيفه. وإذا ظن البصر بالشف أنه كثيف فهو غالط في كثافته.

[120] والغلط في الخشونة والملاسة وفي الشفيف والكثافة هي أغلاط في القياس لأن الخشونة والشفيف والكثافة إنما تدرك بالقياس. وعلة هذه الأغلاط على الصفات التي وصفناها هي خروج الضوء الذي في هذه المبصرات عن عرض الاعتدال بالافراط في النقصان، لأن هذه المبصرات إذا أدركها البصر في ضوء معتدل فإنه يدرك الخشونة في الخشن منها ويدرك الملاسة في الأملس منها، ويدرك الشفيف في المشف على ما هو عليه ويدرك كثافة الكثيف، ولا يعرض له الغلط في شيء من هذه المعاني إذا كانت المعاني الباقيةالتي في هذه المبصرات في عرض الاعتدال.

.يد. .يه.

صفحة ٤٧٠