351

كتاب المناظر

تصانيف

[3] وإنما ليس يدرك البصر اختلاف هذه الأشخاص من البعد المتفاوت لأن الأبعاد المتفاوتة ليس يدرك البصر مقاديرها إدراكا محققا، وإذا لم يتحقق مقاديرالأبعاد لم يدرك تفاضل بعضها على بعض، وإذا لم يدرك تفاضل بعضها على بعض، ولم تكن المبصرات يستر بعضها بعضا، لم يفرق البصر بين الأبعد منها والأقرب. وهذا الغلط بعينه يعرض للبصر دائما إذا نظر إلى الكواكب واتفق أن يكون فيها كوكب من الكواكب المتحيرة، فإذا أدرك الكوكب من الكواكب المتحيرة والكوكب من الكواكب الثابتة معا فإنه لا يدرك الاختلاف الذي بين بعد الكوكب المتحير وبين أبعاد الكواكب الثابتة، وإنما يدركها كأنها جميعها في سطح واحد، المتحيرة منها والثابتة، مع الاختلاف المتفاوت بين أبعاد الكواكب الثابتة والمتحيرة. وإنما يعرض للبصر هذا الغلط لتفاوت أبعاد الكواكب، لأن الأبعاد المتفاوتة ليس يدرك البصر مقاديرها ولا يدرك زيادة بعضها على بعض، ولأن البصر إنما يدرك مقادير أبعاد المبصرات إذا كانت أبعادها من الأبعاد المعتدلة وكانت مع ذلك مسامتة لجسام مرتبة. فإذا كانت المبصرات متفاوتة الأبعاد، ولم يستر بعضها بعضا، فليس يدرك البصر مقادير أبعادها، كانت أبعادها مسامتة لأجسام مرتبة أو لم تكن مسامتة لأجسام مرتبة.

.ب.

صفحة ٤١٣