328

كتاب المناظر

تصانيف

الفصل الخامس في كيفيات أغلاط البصر التي تكون بمجرد الحس بحسب كل واحد من العلل التي من أجلها يعرض الغلط

[1] قد تقدم أن الذي يدركه البصر بمجرد الحس إنما هو الضوء بما هو ضوء واللون بما هو لون فقط. وإذا كان البصر ليس يدرك بمجرد الحس إلا هذين المعنيين فقط فليس يقع غلط في مجرد الحس إلا في هذين المعنيين فقط. والغلط في الضوء بما هو ضوء فليس يكون إلا في اختلاف كيفية الضوء في القوة والضعف فقط لأنه ليس يدرك البصر من الضوء ما هو ضوء إلا إضاءة فقط. وأما اللون بما هو لون فقد تبين في المقالة الثانية أن البصر إنما يدرك منه تلونا فقط يجري مجرى الظلمة أو مجرى الظل. والغلط في الظلمة وفيما يجري مجرى الظلمة وفي الظل وفيما تجري مجرى الظل ليس يكون إلا في اختلاف كيفيتهما في القوة والضعف فقط. وإذا كان ذلك كذلك فالغلط في اللون بما هو لون، إذا كان المبصرذا لون واحد، ليس يكون إلا في القوة والضعف فقط. فإذا كان المبصر ذا ألوان مختلفة وكانت جميعها قوية ومتقاربة الشبه، أو كانت جميعها رقيقة ومتقاربة الشبه، فقد يدرك البصر جميعها لونا واحدا، لأنه يدرك من جميعها إذا كانت قوية ظلمة فقط، وإذا كانت متقاربة الشبه في القوة فإنه يدرك من جميعها ظلمة متشابهة فيظنها لونا واحدا، وإذا كانت جميعها رقيقة أدرك البصر من جميعها ظلا فقط، وإذا كانت مع رقتها متقاربة الشبه في الرقة فإنه يدرك من جميعها ظلا متشابا فيظنها لونا واحدا.

صفحة ٣٩٠