305

كتاب المناظر

تصانيف

[62] وأيضا فإنه ينبعني للمعتبر أن يعتمد قرطاسا قدره أربع أصابع في مثلها، فيثبت فيه أسطر الخط دقيقا، وليكن الخط بينا مفهوما. ثم يرفع المعتبر الشخص الذي على اللوح ويقدم اللوح إلى بصره على مثل ما كان ثم يقيم القرطاس على الخط المعترض الذي في وسط اللوح، ويحدق بالبصرين جميعا إلى وسط القرطاس ويتأمله. فإنه يجد الكتابة التي في القرطاس بينة مفهومة ويتمكن من قراءتها. إلا أنه يجد ما كان من الكتابة في وسط القرطاس أبين مما هو في أطرافه، إذا كان البصر محدقا إلى وسط القرطاس ولم يتحرك على جميع أقطاره.

[63] ثم فليميل القرطاس حتى يقاطع به الخط المعترض على النقطة التي في وسط اللوح التي هي نقطة التقاطع، وليكن ميل القرطاس على الخط المعترض ميلا يسيرا، ولينظر بالبصرين جميعا إلى وسط القرطاس. فإنه يجد الكتابة مفهومة، إلا أنه لا يجدها في البيان على مثل ما كان يجدها لما كان القرطاس مواجها.

[64] ثم ينبعي للمعتبر أن يميل القرطاس ميلا زائدا على الميل الأول ويكون وسط حاشيته على نقطة التقاطع، ويحدق أيضا بالبصرين جميعا إلى وسطه. فإنه يجد الكتابة أضعف من بيانها الأول. ثم يزيد في ميل القرطاس قليلا قليلا ويكون وسط حاشيته على نقطة التقاطع، ويتأمله في جميع ميله مرة بعد مرة. فإنه يجد الكتابة تشتبه عليه عند ميل القرطاس. وكلما ازداد القرطاس ميلا ازدادت الكتابة اشتباها إلى أن يقرب القرطاس من الخط الممتد في وسط طول اللوح، فإنه يجد الكتابة التي في القرطاس مشتبهة اشتباها شديدا حتى لا يتمكن من قراءتها ولا من فهمها ولا يتحقق صورتها.

[65] ثم ينبغي للمعتبر أن يعيد القرطاس إلى الوضع الأول، ويقيمه على الخط المعترض، ويستر أحد البصرين وينظر إلى القرطاس ببصر واحد، فإنه يجد الكتابة بينة مفهومة ويتمكن من قراءتها وفهمها. ثم يميل القرطاس على الصفة الأول وينظر إليه بالبصر الواحد، فإنه يجد الكتابة أضعف بيانا مما كانت عليه عند المواجهة. ثم يزيد في ميل القرطاس قليلا قليلا ويتأمله مرة بعد مرة. فإنه يجده كلما ازداد ميلا ازداد بيان الكلمة ضعفا إلى أن يقرب القرطاس من القطر الذي يلي البصر الناظر إليه. وليتأمل في هذه الحال بالبصر الواحد، فإنه يجد الكتابة مشتبهة اشتباها شديدا ولا يتمكن من قراءتها ولا من فهمها.

صفحة ٣٦٧