منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري
الناشر
مكتبة دار البيان،دمشق - الجمهورية العربية السورية،مكتبة المؤيد
مكان النشر
الطائف - المملكة العربية السعودية
تصانيف
أوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ لَمْ يَأتِ رَجُلٌ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إلَّا عُودِيَ، وإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أنصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أنْ تُوُفِّي، وَفَتَرَ الوَحْيُ.
ــ
دخل في سنته الثانية، ومن الإبل ما بلغ الخامسة (١)، ومن الخيل ما بلغ سنتين، واستعير هنا للشابّ القوي، ونصب على الحاليّة أي يا ليتني حَي موجود في مكة حال كوني جذعًا كما أفاده عياض " ليتني أكون حيًا إذ يخرجك قومك " أي حين تخرجك قريش، وهذا تنازل في التمني، لأنه لما رأى استحالة كونه شابًا قويًا حين إخراجه، لأنه قد أصبح شيخًا هَرمًا كفيف البصر، تنازل عن أمنيته السابقة، وتمنى أن يكون موجودًا، ولو على حالتة الراهنة.
ليساعده بالرأي والمشورة والتدبير وحض الناس، على اتّباعه. " فقال رسول الله ﷺ: أو مخرجى (٢) هم؟ " وهذا استفهام تعجبي أي كيف تخرجني قريش من مكة مع شدة حبهم لي، وتعلقهم بي، ووصفهم لي بالأمين " قال: نعم لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلاّ عودي ". أي إلاّ عاداه قومه " وإن يدركني يومك أنصرك نصْرًا مؤزرًا " أي قويًا. " ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي " أي لم يلبث ورقة إلاّ قليلًا حتى مات، وانقطع الوحي.
ويستفاد من الحديث ما يأتي:
أولًا: إيمان ورقة بن نوفل، وقد ذكر السهيلي أنه قال للنبي ﷺ: أشهد أنك نبي مرسل، وأنك الذي بشر بك عيسى، وستأمر بالجهاد، وإن يدركني ذلك أجاهد معك. وقال النبي ﷺ فيه: " لقد رأيت القس في الجنة، وعليه ثياب الحرير، لأنَّه آمن بي وصدقني " أخرجه البزار. وذكره
_________
(١) أي أن الجذع من الإبل ما بلغ عمره خمس سنوات.
(٢) بتشديد الياء لأن أصله مخرجوني.
1 / 42