منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري
الناشر
مكتبة دار البيان،دمشق - الجمهورية العربية السورية،مكتبة المؤيد
مكان النشر
الطائف - المملكة العربية السعودية
تصانيف
أي الأنبياء كان أول؟ قال: آدم، قلنا: يا رسول الله ونبي كان؟ قال: نعم، نبي يكلَّم، قلت: يا رسول الله كم المرسلون؟ قال: ثلاثمائة وبضعة عشر جَمًَّا غفيرًا .. رواه أحمد. قال: ولهذه الأدلة نرى علماء المسلمين متفقين على نبوته، لم يخالف في ذلك أحد، والله تعالى أعلم " قال " وأما رسالته فالأمر فيها مختلَفٌ فيه، فيرى بعض العلماء أنه رسول، وأنه أرسل إلى ذُرِّيته، ويرى الآخرون أنه لم يكن رسولًا، وإنَّما كان نبيًّا، ويستدل هؤلاء بحديث الشفاعة الوارد في صحيح مسلم أن الناس يذهبون إلى نوح يقولون له أنت أوّل رسل الله إِلى الأرض، فلو كان آدم رسولًا لما ساغ هذا القول.
والرأي الأرْجح أنه من الرسل. ومن أقوى الأدلة على رسالته قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) فقد روي عن الحسن وابن عباس ﵄ تفسير الإِصطفاء في الآية بالاختيار للرسالة، كما أخرجه ابن عساكر وابن جرير (١)، وهذا يدل على أن آدم أوّل الرسل، قالوا: إنما لم يذكر اسمه مع الرسل في قوله تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) إلخ لأن الوحىَ الذي أنزل عليه كان غالبًا حول الأمور الكونية (٢)، لا التشريعية والله أعلم.
...
_________
(١) تفسير الآلوسي ج ٣.
(٢) فيض الباري على صحيح البخاري للشيخ محمد أنور الكشميري.
1 / 29