مع فقدان ذلك الشرط، فأجابه الإمام (عليه السلام) بأن صلوا جماعة، يعني يجوز إقامة الجماعة في صلاة الجمعة، بدون أن أكون إمام الجماعة، أو من أنصبه بالخصوص.
والكلام هاهنا في كون ذلك في مقام التقية بعينه هو الكلام المتقدم، والجواب هو الجواب.
ونزيدك بيانا أنه لو كان ترغيب المعصوم إياه لإعلام زوال الخوف والتقية وكان عبد الملك يعرف الوجوب ولكن لا يعرف زوال الخوف المشروط به فلا مدخلية لقوله: " كيف أصنع " بعد ذلك، كما لا يخفى على المنصف.
وأيضا يشعر جواب المعصوم (عليه السلام) بقوله: " صلوا جماعة " بأن تأمل عبد الملك إنما كان من جهة عدم انعقاد الجماعة بدون الإمامة، فذكر ذلك لرفع توهمه، وإلا فكون تلك الصلاة مشروطا بالجماعة أجلى شروطها وأشهرها، بل هي من البديهيات.
وبالجملة: من تأمل في سياق الخبرين يجدهما ظاهرين فيما ادعيناه، وأن هذين السؤالين والجوابين إنما هما ناظران إلى ما كان معهودا عندهم من الاشتراط. وإلى ذلك ينظر ادعاء الأصحاب الاجماع على ذلك.
بقي هنا كلام وهو: أن غاية ما ثبت من ذلك اشتراط الجمعة، أي وجوبها العيني بحضور الإمام ونائبه، وأنه إذا لم يحصل ذلك فيستحب صلاة الجمعة. وأما تعدي ذلك إلى حال الغيبة فمحل إشكال.
وقد عرفت الجواب عما يمكن أن يجاب عن مثل ذلك، اللهم إلا أن يقال: إن الاستصحاب يثبت ذلك في هذا الزمان.
ويمكن أن يقال: من قال بالاستحباب في حال عدم التمكن مع حضور الإمام يقول به في حال الغيبة، إذ المناط هو التمكن وعدم التمكن، لا إمكان مشاهدة الإمام وعدمه، فبذلك يثبت استحباب ذلك الآن أيضا.
الرابع: الأخبار الدالة على مجرد الرجحان بضميمة الأصل، وعدم وضوح الدلالة على الوجوب، وما يدل بظاهره على جواز فعل غير الإمام، والمنصوب من
صفحة ٥٠