ومن حيث إن مصر استطاعت أن تأتي بمبالغ طائلة كهذه في عهد ملك اشتهر دون غيره من الملوك بسوء التصرف والتراخي، فمن باب أولى أن تأتي اليوم بما هو أكثر من ذلك، وقد تعهدها الرومانيون بعناية كبرى من ناحية السهر على أحوالها وإدارة شئونها، لا سيما أن علاقاتها التجارية مع التروجلودتيك
Troglodytique
1
أخذت تزداد بسطة واتساعا إلى درجة كبيرة.
وبما أن أفخر السلع وأنفسها كانت ترد في الواقع من إقليمي التروجلودتيك إلى مصر أولا، ثم تصدر منها إلى سائر أنحاء العالم، فكانت هذه تحصل منها رسوما مزدوجة؛ أي رسم الوارد ورسم الصادر، وكلما كانت تلك البضائع غالية الثمن زادت بحكم الطبيعة رسومها، هذا بصرف النظر عن الفوائد التي تلازم كل احتكار؛ وذلك لأن الإسكندرية كانت المستودع الوحيد لهذه البضائع، وأنها وحدها التي كان في استطاعتها تموين البلاد الأخرى. ا.ه.
ومما يؤسف له جد الأسف أن كلام استرابون هذا لم يقرن بالأرقام، الأمر الذي كان يهمنا كثيرا الوقوف عليه، وفضلا عن هذا فإن إيرادات الجمارك التي ذكرها استرابون كانت توجد بجانبها إيرادات أخرى، مثل: الخراج والجزية وغيرهما من الإيرادات التي لا تخفى أهميتها، ولا نعلم مع الأسف قيمتها إلى الآن.
والمؤلف الوحيد الذي ذكر أرقاما عن هذا هو ماركاردت (راجع نظام الإمبراطورية الرومانية ج2 ص407)، وقد نقل هذه الأرقام عن م. ل. فريدلاندر
M. L. Fariedlander
الذي قدر جميع الضرائب في مصر بمبلغ 134918000 مارك (6745905ج.م).
التروجلودتيك أو سكان المغاور يقول عنهم قدماء المشتغلين بعلم تخطيط البلدان: إنهم قوم كانوا يقطنون الجنوب الشرقي لمصر.
صفحة غير معروفة