الصحابة؟ والسهو والخطأ موجودان في أصحاب رسول الله ﷺ كما وجد فيمن بعدهم من المحدثين.
يقال له: إن الله ﵎ نزه أقدار أصحاب رسول الله ﷺ عن ثلب قادح، وصان أقدارهم عن وقيعة منتقص، وجعلهم كالنجوم يقتدى بهم، وقد قال ﵎: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ثم قال: ﴿يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾ فمن أخبر الله ﷿ أنه لا يخزيه في القيامة، وقد شهد له باتباعه ملة إبراهيم حنيفًا لا يجوز أن يجرح بالكذب، لأنه يستحيل أن يقول الله ﵎: ﴿يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾ ثم يقول النبي ﷺ: "مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَليَتَبَوَّأْ مَقعَدَهُ مِنَ النَّارِ" فيطلق النبي ﷺ إيجاب النار لمن أخبر الله ﷿ أنه لا يخزيه في القيامة، بل الخطاب في الخبر وقع على من بعد الصحابة، وأما من شهد التنزيلَ وصحب الرسولَ ﷺ فالثلب لهم غير حلال، والقدح فيهم ضد الإيمان، والتنقص لأحدهم نفس النفاق، لأنهم خير الناس قرنًا بعد رسول الله ﷺ بحكم من ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)﴾ ﷺ وأن من تولى رسول الله ﷺ إيداعهم ما ولاه الله بيانه للناس، لبالحري أن لا يجرح، لأن رسول الله ﷺ لم يودع أصحابه الرسالة وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب إلا وهم عنده صادقون جائزوا الشهادة، ولو لم يكونوا كذلك لم يأمرهم بتبليغ من بعدهم ما شهدوا منه، لأنه لو كان كذلك لكان فيه قدحًا في الرسالة، وكفى بمن عَدَّلَهُ رسول الله ﷺ شرفًا، وأن من بعد الصحابة ليسوا كذلك، لأن الصحابي إذا أدى إلى من بعده يحتمل أن يكون المبلغ إليه منافقًا أو متدعًا ضالًا لا ينقص من الخبر أو يزيد فيه ليضل به العالم من الناس، فمن أجله ما فرقنا بينهم وبين الصحابة، إذ صان الله ﷿ أقدار الصحابة عن البدع والضلال، جمعنا الله وإياهم في مستقر رحمته بمنه.
ذكر أول من وقى الكذب على رسول ﷺ-
حدثنا الهيثم بن خلف الدوري ببغداد، والحسين بن عبد الله القطان بالرقة، قالا: أخبرنا إسحاق بن موسى الأنصاري، قال: حدثنا معن بن
1 / 36