رأيت أصحابه قد اجتمعوا على شيء علمت أن الخطأ من حماد نفسه، وإذا اتجمعوا على شيء عنه، وقال واحد منهم بخلافهم علمت أن الخطأ منه لا من حماد، فأميز بين ما أخطأ هو بنفسه وبين ما أخطىء عليه.
حدثنا عبد الملك بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن علي المحرمي، قال: حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي، عن نعيم بن حماد، قال: قلت لعبد الرحمن بن مهدي: كيف نعرف صحيح الحديث من خطئه؟ قال: كما يعرف الطيب المجنون.
سمعت هارون بن عيسى بن السُّكَين ببلد، قال: سمعت أحمد بن منصور الرمادي، يقول: كنا عند أبي نعيم نسمع مع أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، قال: فجاءني يومًا يحيى ومعه ورقة قد كتب فيها أحاديث من أحاديث أبي نعيم وأدخل في خلالها ما ليس من حديثه، وقال: أعطه بحضرتنا حتى يقرأ، وكان أبو نعيم إذا قعد في تيك الأيام للحديث كان أحمد على يمينه ويحيى على يساره، فملما خف المجلس ناولته الورقة فنظر فيها كلها، ثم تأملني ونظر إليهما، ثم قال وأشار إلى أحمد: أما هذا فأدين من أن يفعل مثل هذا، وأما أنت فلا تفعلن، وليس هذا إلا من عمل هذا، ثم رفس يحيى رفسة رماه إلى أسفل السرير، وقال: علي تعمل؟ فقام إليه يحيى وقبله، وقال: جزاك الله عن الإسلام خيرًا، مثلك من يحدث، إنما أردت أن أُجَرِّبَكَ.
أخبرنا عبد الملك بن محمد، قال: سمعت عباس بن محمد يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجهًا ما عقلناه.
قال أبو حاتم: فهذه عناية هذه الطائفة بحفظ السنن على المسلمين وذب الكذب عن رسول الله ﷺ، ولولاهم لتغيرت الأحكام عن سننها حتى لم يكن يعرف أحد مخرج صحيحها من سقيمها، والملزق بالنبي ﷺ والموضوع عليه مما روى عنه الثقات والأئمة في الدين.
فإن قال قائل: فكيف جرحت من بعد الصحابة وأبيت ذلك في
1 / 35