مجموع رسائل الحافظ العلائي
محقق
وائل محمد بكر زهران
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
مكان النشر
القاهرة - جمهورية مصر العربية
تصانيف
وقوله تعالى: ﴿عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ في محل النصب على الحال من الضمير المستكن في ﴿يَنْقَلِبُ﴾ أي: راجعًا.
و"إن" في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً﴾ هي المخففة من الثقيلة التي تلزمها اللام الفارقة، واسمها محذوف، هذا مذهب أهل البصرة، وقال الكوفيون: هي يعني واللام بمعنى إلا، وعلى هذا القولين هي لتأكيد المعنى، وإنما لزمها هذه اللام على رأى البصريين ليفرق بينها وبين أن التي للحجة، كالتي في قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ﴾ (١).
و"كبيرة" خبر واسمها محذوف، دل عليه قوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ﴾ فتقديره وإن كانت التحويلة أو الجعلة أو الصلاة إلى بيت المقدس لكبيرة، وروي في غير المشهور: "وإن كانت لكبيرة" بالرفع على أن "كان" زائدة، كما في قول الشاعر:
*وجيران لنا كانوا أكارم*
وخبر "كان" في قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ يحتمل أن يكون "ليضيع" أي: ما كان ذلك إضاعة لإيمانكم، وأن يكون محذوفًا، وما كان اللَّه يريد أن يضيع.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ جمع فيه بين التأكيدين: "إن" و"اللام"؛ لأن القضية مستبعده عند المخاطبين، حيث قالوا: كيف بمن مات منَّا وهو يصلي إلى ست المقدس؟ فبين اللَّه أنه غير مضيع عمل عامل منهم، لرأفته ورحمته بعباده ﷾، وإن كان الخطاب للمنافقين أو اليهود الذين عابوا على المسلمين توجههم إلى الكعبة، وقالوا للمسلمين: إن عملكم كان باطلًا، فالحاجة إلى التأكيد أقوى، فلهذا جمع بين تأكيدين، وتأكيد القضية يكون بحسب استبعادها عند المخاطب؛ فإن قصد المخبر بخبره إفادة المخاطب إما نفس الحكم وإما لازمه، فمتى كان المخاطب خالي الذهن من الحكم بأحد طرفي الخبر على. . . (٢)
_________
(١) فاطر: الآية ٤١.
(٢) قطع في الأصل.
1 / 103