175

مجالس مع فضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي

الناشر

وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

مكان النشر

الكويت

تصانيف

لعبده قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ﴾ [فاطر:٣٤] ﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ١٥٨] ومعنى شكر الرب لعبده هو: إثابته له الثواب الجزيل على عمله القليل.
ويطلق الشُّكر من العبد كما في قوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ ومعنى شكر العبد لربه هو أنْ يستعمل نعمه في طاعاته، فهذه الباصرة التي أنعم عليه بها؛ شكرها أنْ لا ينظر بها إلَّا ما يُرضي الله، وهذه اليد الباطشة التي أنعم عليه بها؛ شكرها أنْ لا يبطش إلَّا فيما يرضي الله، وهذا اللسان الذي أعطي له ويفصح عمَّا في ضميره؛ شكره أنْ لا ينطق به إلَّا فيما يرضي، وهكذا في سائر النعم البدنية، والمالية إلى غير ذلك، وهذا معنى قوله: ﴿ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.
وقوله: ﴿وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ "إذْ" معطوف على ما قبله، والأكثر على أنَّه منصوبٌ (باذكر) مقدرةً، وقد بينا مرارًا أن الدليل على عمل هذا العامل -الذي هو اذكر- أنَّه مفهومٌ باستقراء القرآن؛ لكثرة إعمال (اذكر) فيه نحو: ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ﴾ [الأحقاف: ٢١]، و﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ [الأنفال: ٢٦]، ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ﴾ [الأعراف: ٨٦]، وهكذا.

1 / 177