165

مجالس مع فضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي

الناشر

وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

مكان النشر

الكويت

تصانيف

والباء في قوله: ﴿بِكُمُ﴾ فيها لعلماء التفسير أوجهٌ: أظهرها أنَّها سببية، والمعنى: فصلنا بعض أجزاء البحر عن بعض بسبب دخولكم فيه ليمكنكم المرور سالكين بين أجزائه كما قال تعالى: ﴿فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾ [الشعراء: ٦٣]، وقال بعض العلماء: والباء بمعنى اللام فمعنى فرقنا بكم؛ أي: فرقنا لكم، وهو عائدٌ إلى معنى الأول؛ لأن اللام للتعليل والباء للسبب، والمعنى متقارب، وقال بعض العلماء: الجار والمجرور في محلِّ حال؛ أي: فرقنا البحر في حال كونه متلبسًا بكم، وقال بعض العلماء: فرقنا بكم البحر؛ أي: جعلناكم كأنكم حاجز بعضه وبعض، كما تقول فصلت بين أجزاء الشيء بكذا.
والبحرُ معروف، قال بعض العلماء: اشتقاقه من الشَّق؛ لأنَّه شقٌّ في الأرض كبير، ومنه البَحيرة لأنها مشقوقة الأذن، وقال بعضٌ: هو من البحر بمعنى الاتساع.
وقوله: ﴿فَأَنْجَيْنَاكُمْ﴾؛ أي: أنجيناكم من فرعون، وما كان يسومكم من العذاب، والأصل الإنجاء والتنجية، أصل اشتقاقه من النجوة، وهي المرتفع من الأرض. فكأن الإنسان إذا سَلِمَ من هلاكٍ ونجا من أمر خطر ارتفع عن نجوة الهلاك إلى نجوة السلام، وهذا معنى قوله: ﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا

1 / 167