مجالس مع فضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي
الناشر
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
ولما كانت الحكمة في خلق الخلائق الاختبار المذكور أراد جبريل أنْ يُبَيِّنَ للنَّاس طريق النَّجاح في ذلك الاختبار فقال للنَّبيِّ ﷺ: أخبرني عن الإحسان؛ أي: وهو الذي خُلق الخلق لأجل الاختبار فيه، فبيَّنَ ﷺ أنَّ طريق الإحسان هي هذا الزَّاجِرُ الأكبر، والواعظ الأعظم المذكور فقال: "هو أَنْ تعبدَ الله كأنك تراه، فإنْ لم تكن تراه، فإنَّهُ يراك".
ولهذا لا تقلِّبُ ورقةَ من المصحف الكريم إلَّا وجدتَ فيها هذا الواعظ الأعظم: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق: ١٦]، وقال تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: ١٨]، وقال تعالى: ﴿فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ﴾ [الأعراف: ٧]، وقال تعالى: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [يونس: ٦١]، وقال تعالى: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [هود: ٥]، ونحو هذا في كل موضعٍ من القرآن.
وأمَّا المسألة الثَّالثة: التي هي الفَرْقُ بين العَمَلِ الصَّالح وغيره.
1 / 117