============================================================
المطلب الثاني) التجسيم عند أهل الحديث والغلاة من الشيعة وبينما يرد الإمام ابن خزيمة هذا الحديث المكذوب لانقطاع في سنده، قائلا: اوليس هذا الخبر من شرطنا لأنه غير متصل الإسناد؛ لسنا نحتج في هذا الجنس من العلم بالمراسيل المنقطعات"(1)، والحافظ ابن كثير كذلك(2)، والشيخ محمد ناصر الدين لنكارة في متنه (3)، نجد الإمام ابن تيمية ينسب إلى أكثر علماء أهل الشنة أنهم قبلوه، ففي لامجموع الفتاوى" قال: "وطائفة من أهل الحديث ترده لاضطرابه ك (أبي بكر الإسماعيلي) و(ابن الجوزي) وغيرهم، لكن أكثر أهل السنة قبلوه (...)، واعتقد القاضي [أي: (أبو يعلى الحنبلي)) و(ابن الزاغوني) ونخوهما صحة هذا اللفظ فأمروه وتكلموا على معناه بأن ذلك القدر [أي مقدار الأربع الأصابع) لا يحصل عليه الاشتواء"(4).
أقول: قوله: "لكن أكثر أهل الشنة قبلوه"، مراده بذلك - كعادته عندما يطلق هذا المصطلح - حشوية أهل الحديث الذين ينتسبون إلى أهل السنة زورا وبهتانا، أما جمهور أهل الشنة من علماء المذاهب الأربعة وعلماء الظاهرية فإنهم يردون هذه الروايات الباطلة(5) لأنهم اتفقوا على: "أن الله تعالى لا في مكان ولا في زمان أصلا، وهو قول الجمهور من أهل السنة، وهو الذي لا يجوز غيره لبطلان كل ما عداه"، كما قال الإمام ابن حزم الأندلسي الظاهري (ت/456ه)(2).
(1) ابن خزيمة، التوحيد (245/1).
(2) ابن كثير، البداية والنهاية (11/1).
(3) وذلك في كتابه "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة" (256/2) (رقم/866)، ونقل فيه (723/13) عن الذهبي في كتابه "العلو" (ص /123 - 124) الذي اختصره: لثم لفظ الأطيط لم يأت في لفظ ثابت". وقد حكم عليه أيضا بأنه منكر في تخريجه لكتاب "الينة" لابن أبي عاصم (252/1) (رقم/574).
(4) ابن تيمية، مجموع الفتاوى (435/16).
5) حتى العلماء الذين وقعوا في تجسيم الله تعالى، حكموا على هذا الحديث المكذوب بأنه ضعيف لا يجوز الاحتجاح به، كما مر من كلام الإمام ابن خزيمة في كتابه "التوحيد" (245/1) الذي قال عنه الإمام الرازي في تفسيره (582/27): "وهو في الحقيقة كتاب (الشرك)".
(6) ابن حزم، الفصل في الملل والأفواء والنحل (98/2).
صفحة ٩١