مفهوم الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ (١).
ومن المعلوم أن الأمور قسمان: أمور واضحة، وأمور غير واضحة.
فالواضحة البينة لا تحتاج إلى تَثَبُّتٍ وتبيُّنٍ، لأن ذلك تحصيل حاصل.
وأما الأمور المشكلة غير الواضحة فإن الداعية خاصة والمسلمين عامةً بحاجة إلى التثبت فيها والتبين، فإن ذلك يحصل فيه من الفوائد الكثيرة، والكف عن شرور عظيمة ما يجعل المسلم
في سلامة عن الزلل، وبذلك يُعْرَفُ دين العبد وعقله ورزانته (٢).
ومما يزيد الآية السابقة وضوحًا ما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس ﵁ ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ قال: كان رجل في غُنَيمة له فلحقه المسلمون، فقال: السلام عليكم فقتلوه وأخذوا غُنَيمته، فأنزل اللَّه في ذلك إلى قوله: ﴿عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ تلك الغُنَيمة، وقرأ ابن عباس: السلام (٣).
وعن أسامة بن زيد ﵁ قال: بعثنا رسول اللَّه ﷺ إلى الحرقة
_________
(١) سورة النساء، الآية: ٩٤.
(٢) انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي، ٢/ ١٣٢.
(٣) البخاري مع الفتح، كتاب التفسير، سورة النساء، باب: ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾، ٨/ ٢٥٨، (رقم ٤٥٩١)، ومسلم، كتاب التفسير (رقم ٣٠٢٥).
1 / 59