/18 - ويرى بعض المفكرين من علماء العصر أن مجموعة المذاهب الاجتهادية يجب أن تعتبر كمذهب واحد كبير في الشريعة، وكل مذهب فردي منها كالمذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي وغيرها يتبر في هذا المذهب العام الكبير كالآراء والأقوال المختلفة في المذهب الفردي الواحد، فيرجح علماء الأمة ويختارون منها للتقنين في ميدان القضاء والفتيا ما هو أوفى بالحاجة الزمنية ومقتضيات المصلحة في كل عصر وهذا رأي سديد(1).
فيها، فيقع فعل الشرط المعلق عليه، وتفاجأ المرأة بطلاق مشتت للأسرة لم تكن جانية لسببه ولا علم لها به، وقد يكون الطلاق المعلق ثلاثا لا بقاء بعده ولا لقاء.
وكل ذلك منشؤه انحراف الناس بالطلاق منذ القديم عن أسلوبه وهدفه الشرعيين، واستعمالهم إياه معلقا لتقوية العزيمة على فعل أو على ترك، بدلا من القسم بالله و ذلك في غير ما شرع الطلاق لأجله، بل في عكس غايته الشرعية التي تدل النصوص القرأنية على حدودها.
* والعلماء عن ذلاك غافلون ومستسلمون لهوج الناس وجهلهم في تغيير الطريق المشروع في أخطر موضوع.
وقد تخلصت البلاد المصرية من هذه المآسي بمنع الطلاق المعلق والغائه قضاء إذا كان لم يقصد بتعليقه سوى الحمل أوالمنع (أي الحث على فعل أو ترك) .
وهذا التدبير في مصر لو لم يكن له مستند من المذاهب الفقهية القديمة التي نقلها ابن القيم في واصلام الموقعين" عن كبار فقهاء الصحابة لوجب على علماء الأمة اليوم أن يقرروه بطريق الاستحسان أو الاستصلاح، ردأ للناس إلى الجادة الشرعية في استعمال الطلاق، وقضاء على مأسي جهالتهم فيه .
(1) وأخيرا صدر في سورية 1953 م (بعد الطبعة الثالثة من هذا المدخل الفقهي) قانون عام للأحوال الشخصية جامع لجميع أحكام الأسرة في أبوابها الأربعة : - الزواج، وما يتفرع عنه من نفقة ونسب وحضانة وطلاق وتفريق وعدة إلخ..
- الأهلية، والوصاية، وما يتفرع عنها من نيابة شرعية عن القاصرين في شتى صورها كالولاية، والقوامة إلخ...
- الوصية، وما يتعلق بها من شرائط وأحكام.
- الميراث.
وقد كنت أحد أعضاء اللجنة الرسمية التي عهدت إليها الحكومة السورية بوضعه، فاستمددنا أحكامه من الفقه الاسلامي بجميع مذاهبه وآرائه، واقتبسنا جميع تلك الأحكام الإصلاحية التي أخذ بها قانون حقوق العائلة العثماني من قبل، والقوانين -
صفحة ٢٦١