والطبيعة تعلمنا أن الماء يفسد إذا بقي راكدا لفترة طويلة، في حين يحتفظ الماء الجاري بعذوبته ويكون ملائما للاستعمال العام.
وكما تقضي ضرورة التكافل والحماية المشتركة بأن يتحرك الشعب في إطار القانون، وأن يختار الموظفون أنفسهم بدعوة الشعب، بل بالصراخ بأعلى صوت في آذان وعيون إنجلترا لاختيار موظفين جدد وتغيير القدامى منهم، وانتخاب موظفي الدولة كل عام، وذلك للأسباب التالية:
أولا:
لمنع شرورهم، فعندما يتملك التكبر والشبع أحد الموظفين، تعمي عيناه وينسى أنه خادم للكومنولث، كما يبذل كل جهده ليرتفع فوق إخوته؛ وغالبا ما تكون سقطاته كبيرة، والدليل على ذلك سقوط الملوك المتجبرين والأساقفة ... وغيرهم من موظفي الدولة.
ثانيا:
لمنع تغلغل الظلم والقهر إلى الكومنولث مرة أخرى، فعندما يستفحل تكبر الموظفين وشبعهم، يتزايد حرصهم على الإبقاء على مجدهم وعظمتهم، ولو على حساب الفقر والضنك الذي يمرغ إخوتهم في الوحل، تشهد على ذلك تصرفات الملوك وقوانينهم التي سحقت أعضاء مجلس العموم في إنجلترا فترة طويلة من الزمن.
ألا نرى في هذه الأيام كيف أن بعض موظفي الكومنولث قد طال عليهم العهد فوق كراسيهم حتى غطتهم الأعشاب الطفيلية، وأنهم لا يكادون يتحدثون مع معارفهم القدامى، إذا كانوا أقل منهم شأنا، على الرغم من أن المودة والألفة كانت تجمع بينهم قبل بداية هذه الحروب؟
ما الذي أوجد مسافة البعد بين الأصدقاء والإخوة إلا الاستمرار لفترات طويلة في مناصب الشرف والعظمة والثروة؟
ثالثا:
لنحرص على اختيار موظفين جدد كل عام حبا في أجيالنا القادمة، لأنه إذا تضخمت الأعباء والمظالم وتراكمت على قوانيننا وموظفينا الذين تدعو الحاجة إلى تغييرهم، كالطحالب والأعشاب الضارة التي تنمو في بعض البلاد وتحتاج إلى إزالتها، فإنها ستكون بالتأكيد أس البؤس والتعاسة، وسيصعب على أجيالنا القادمة التخلص منها، وحينئذ سيلعنون الزمن الذي أعطانا - نحن أجدادهم - فرصة وضع الأمور في نصابها الصحيح عملا على راحتهم، ولكننا تقاعسنا عن أداء هذه المهمة ولم نفعل شيئا.
صفحة غير معروفة