أثناء رحلته الرابعة. ويفترض أيضا أن جزيرة يوتوبيا اكتشفت في مكان ما بين البرازيل والهند. كذلك يقترح ج. س. ريتشاردز
G. C. Richards
في مقدمة ترجمته ل «يوتوبيا» إلى الإنجليزية الحديثة، أن مور قابل في أنتورب بحارا أعطاه وصفا لليابان، كما يبرز أوجه الشبه القائمة بين موقع وشكل جزيرة مور الخيالية وبين موقع اليابان وشكلها، وكذلك الشبه الكائن بين المظهر الجسماني لليابانيين ونظيره عند سكان يوتوبيا. وقد طرحت في السنوات الأخيرة نظرية جديدة ترجح أن يكون مور قد عرف حضارة الأنكا واتخذها نموذجا لدولته المثالية.
3
إن هذه النظريات جميعا لا تستبعد كل منها الأخرى بالضرورة. ولا تخطئ العين تأثير الكتاب اليونان والرومان في يوتوبيا مور، ولا تأثير القديس أوغسطين وآباء الكنيسة الذين درسهم بجد واجتهاد قبل قيامه برحلته إلى الأراضي الواطئة. وربما قابل في أنتورب بحارا أو مسافرا سمع منه حكايات مرتبطة بإمبراطورية الأنكا أو إمبراطورية اليابان، مما أوحى له بفكرته عن شكل يوتوبياه، وتنظيمها.
وليست «يوتوبيا» نسخة من دولة أفلاطون أو دولة بلوتارك المثالية، ولا هي وصف من الدرجة الثانية لحضارة الأنكا في بيرو قبل الغزو الإسباني. إنها عمل أصيل، استطاع فيه مور أن يؤلف بين ما تعلمه من الكتاب الكلاسيكيين، وما أدى إليه اكتشاف العالم الجديد وعصر النهضة من اتساع في الآفاق. وسواء جاء التأثير الأقوى على مور من قبل الفلاسفة الإغريق، أو من المعرفة غير الواضحة بنظم الحكم في حضارة الأنكا، فقد أجابت «يوتوبيا» عن كل الأسئلة والهموم التي كانت تشغل عصره وبلده.
تنقسم «يوتوبيا» إلى كتابين وضعا في أوقات مختلفة، ولكننا لا نعلم على وجه الدقة أيهما كتب قبل الآخر. ومن المحتمل أن يكون مور قد بدأ اكتشاف الكتاب الثاني، الذي يحتوي على وصف الدولة اليوتوبية، أثناء إقامته في الأراضي الواطئة في عام 1515م، عندما ذهب إليها عضوا في البعثة التي أوفدت إلى الفلندرز لتسوية ما وصفه «بالأمور الخطيرة المتنازع عليها مع شارل المعظم ملك قشتالة». وهناك قابل بيتر جيلز، صديق ومضيف إرازموس من حوالي (1466-1536م) الذي جمعته به الصداقة الوطيدة وأهدى له «يوتوبيا».
ولما رجع مور إلى لندن، استكمل كتابه وأرسله إلى إرازموس في الثالث من سبتمبر عام 1516م، راجيا منه أن يبذل مساعيه لنشره وتزويده بقدر الإمكان «بتوصيات من بعض الشخصيات المرموقة لا تقتصر على الشخصيات العامة المعروفة». وأنجز إرازموس المهمة، بمساعدة جيلز، وطبع الكتاب في لوفان وظهر في نهاية عام 1516م.
4
واستقبل الكتاب استقبالا رائعا، وسرعان ما تلت طبعته الأولى طبعتان أخريان، نشر إحداهما جيلز جورمون
صفحة غير معروفة