وأسراره برحمة الله لأوليائه فعلانية، وأموره لهم فظاهرة بادية، فهو الظاهر الجلي المجهور، والباطن الخفي المستور، وهو بمن الله المصون المبذول، والجزم الذي لا يدخل شيئا منه هذر ولا فضول، بل قرنت فيه لأهله مجامع كلمه، وسهلت به لهم مسامع حكمه، فقرعت من قلوبهم مقارع، ووقعت من أسماعهم مواقع، لا يقعها من غيرها عندهم واقع، ولا يسمع بمثل تفسيرها أبدا منهم سامع، فمن أبى ذلك، وأنكره أن يكون كذلك، فليأت بمثل سورة كبيرة، من سوره أو صغيرة، فلن يفعل ولو أجلب بالخلق كلهم أبدا، ولن يزداد بذلك لو كان كذلك من أن يأتي بمثلها إلا بعدا، كما قال الله سبحانه: {فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين، فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين} [البقرة: 23 24].
وفي الكتاب والقرآن، وما جعل الله فيه من البيان، ما يقول سبحانه لرسوله، صلى الله عليه وعلى آله: {لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه، ثم إن علينا بيانه} [القيامة: 16 19]. فما على الله تبارك وتعالى بيانه، فلن تضل عنه أبدا حجته ولا برهانه.
وفي تعجب مستمعة الجن به، وما سمعوا عند استماعهم له من عجبه، ما يقول سبحانه لرسوله، صلى الله عليه وعلى آله: {قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا} [الجن:1]، فجعله تبارك وتعالى لهم عجبا معجبا.
صفحة ٢٤