وما هو؟
الرجل :
ترجع إلى عراقك، فنخلي بينك وبين العراق، ونرجع نحن إلى شامنا، فتخلي بيننا وبين الشام.
علي : ... إن الله - تعالى ذكره - لم يرض من أوليائه أن يعصى في الأرض وهم سكوت مذعنون، لا يأمرون بمعروف، ولا ينهون عن منكر، فوجدت القتال أهون علي من معالجة في الأغلال في جهنم.
أيقن معاوية أن قد سدت أمامه المسالك، فسأل عمرو بن العاص ماذا يرى ولم يعد من الهزيمة مهرب؟ فأجابه السياسي الداهية، الذي لم يتورع - كما قال عنه علي في عبارته التي أسلفناها - أن يقيم سياسته على خداع:
عمرو :
إن رجالك لا يقومون لرجاله، ولست مثله؛ هو يقاتلك على أمر، وأنت تقاتله على غيره، أنت تريد البقاء، وهو يريد الفناء، وأهل العراق يخافون منك إن ظفرت بهم، وأهل الشام لا يخافون عليا إن ظفر بهم، ولكن ألق إلى القوم أمرا: إن قبلوه اختلفوا، وإن ردوه اختلفوا؛ ادعهم إلى كتاب الله حكما فيما بينك وبينهم؛ فإنك بالغ به حاجتك في القوم.
معاوية :
صدقت.
فما هو حتى أصبح الصباح، فإذا الناس يرون المصاحف قد ربطت في أطراف الرماح، وقد استقبلوا عليا بمائة مصحف، وميمنة جيشه بمائتي مصحف، وميسرته بمائتين فكان عدد المصاحف المرفوعة على أسنة الرماح خمسمائة، ثم قام المنادون ينادون في علي وجيشه: يا معشر العرب! الله الله في النساء والبنات والأبناء، من الروم والأتراك وأهل فارس غدا إذا فنيتم! الله الله في دينكم! هذا كتاب الله بيننا وبينكم!
صفحة غير معروفة