372

معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب

تصانيف

الفقه

والجمع بين الأحاديث يتأتى على القول بالكراهية، وأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما فعله لبيان الجواز لا لكونه مستحبا، والله أعلم.

- ومنها: أن لا يتوضأ وهو قائم، وإنما يستحب له أن يتوضأ جالسا مستقبلا للقبلة.

قال أبو الحواري -رحمه الله-: إن توضأ قاعدا فهو أحسن، وإن توضأ قائما فهو جائز.

وقيل: إن بعضا أتى بعض أهل العلم ليسأله عن الوضوء قائما فوجده يتوضأ قائما، فقال: تراني قائما وتسألني، والله أعلم.

- ومنها: الوضوء عريانا في مكان ساتر يأمن فيه من أن ينظر إليه من لا يحل له النظر إلى عورته، فإن توضأ عاريا في المكان الموصوف أجزأه ذلك، وقد فاته الثواب بترك المكروه، وهو أشد كراهة من الوضوء قائما. والمستحب له أن يتوضأ قاعدا مستترا.

وأحب بعض الفقهاء أن يكون على عاتق المتوضئ في حال تطهره ثوب أو خرقة، وذلك أن الوضوء عبادة فيستحب فيها كمال الهيئة.

وأما إذا توضأ عريانا في المكان الغير ساتر حيث يراه الناظر فإنه لا وضوء له؛ لأنه في حاله ذلك آثم بوضوئه، ولا يكون مطيعا آثما.

وإن كان في موضع منكشف بعيد من الناس فتوضأ عاريا ولم يره أحد ممن لا يجوز له النظر إليه ففي وضوئه خلاف:

قيل: إن وضوءه تام؛ لأنه لم ينظر إلى عورته أحد، وهو في حاله ذلك كالمتوضئ عاريا في مكان ساتر.

وقيل: إن وضوءه فاسد؛ لأنه قد خاطر في كشف عورته، والمخاطر آثم، ولا يكون آثما مطيعا. فإن نظر عورته أحد ممن لا يجوز له النظر إليه حال وضوئه أو بعده فسد وضوؤه قولا واحدا، والله أعلم.

صفحة ١٤٥