وقال بعض المالكية: لا بأس بمسح الأعضاء بالمنديل؛ لما روي أنه عليه الصلاة والسلام كان «إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه»، ولأن المسح يؤدي إلى النظافة، فإن الماء إذا بقي في شعره قطر من اللحية على الثوب فعلق به فينطمس لونه، وكذلك إن تعلق ماء رجليه بذيول ثوبه.
قلت: وظاهر هذا الكلام استحباب المسح وهو ظاهر فعل جابر أيضا؛ لأنه لو لم يستحبه ما فعله، وقد روي عن معاذ بن جبل أنه قال: /203/ رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «يمسح وجهه بطرف ثوبه وآثار وضوئه»، وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه «اتخذ منديلا يمسح به الوضوء، وكان بعض أزواجه يناوله إياه فيجففه به».
وحجة القائلين بالتكريه: ما رواه البخاري من حديث ابن عباس قال: حدثتنا ميمونة قالت: «صببت للنبي - صلى الله عليه وسلم - غسلا فأفرغ بيمينه على يساره فغسلها، ثم غسل فرجه، ثم مال بيده على الأرض فمسحها بالتراب ثم غسلها، ثم مضمض واستنشق، ثم غسل وجهه، وأفاض على رأسه ثم تنحى وغسل قدميه، ثم أتى بالمنديل فلم ينقض بها»، قال أبو عبد الله: يعني لم يمسح بها. وقال في موضع آخر في بقية الحديث: «ثم تنحى فغسل قدميه فناولته خرقة فقال بيده هكذا ولم يردها». قال ابن حجر: قوله «ولم يردها» (بضم أوله وإسكان الدال) من الإرادة، والأصل (يريدها) لكن جزم بلم، ومن قرأها بفتح أوله وتشديد الدال فقد صحف وأفسد المعنى.
صفحة ١٤٤