معانى القرآن للأخفش [معتزلى]
محقق
الدكتورة هدى محمود قراعة
الناشر
مكتبة الخانجي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١١ هـ - ١٩٩٠ م
مكان النشر
القاهرة
فلما صار بعد القول صار حكاية وكذاك ما بعده مما هو من كلام الجن.
وأما "إنَّما" فاذا حسن مكانها "أَنَّ" فتحتها، واذا لم تحسن كَسَرْتَها. قال ﴿إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَآ الهكُمْ اله وَاحِدٌ﴾ فالاخرة يحسن مكانها "أَنَّ" فتقول: "يُوحى إليَّ أَنَّ إلهَكُم إلهٌ واحد" قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد التسعون]:
[٥٠] أرانِي - وَلا كُفْرانَ لِلّهِ - إنَّما * أُواخِي من الأقْوامِ كُلَّ بَخِيلِ
لأنَّهُ لا يَحْسُنُ ها هُنا "أَنَّ" [فـ] لو قلت: "أَراني أنما أواخي من الأقْوام" لم يحسن. وقال: [من الخفيف وهو الشاهد الحادي والتسعون]:
أَبْلِغ الحارثَ بنَ ظالِمِ المُو * عِدِ والناذِرَ النُّذُورَ عَلَيّا
أَنَّما تَقْتُلُ النِّيامَ، وَلا تَقْـ * ـتُلُ يَقْظانَ ذا سِلاحٍ كَمِيّا
فحسن أن تقول: "أَنَّكَ تَقْتُلُ النِّيام". وأَمَّا قوله ﷿ ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتٌّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظامًا أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ﴾ فالآخرةُ بَدَلٌ من الأُولى.
وَأمّا "إنْ" الخفيفة فتكون في معنى "ما" كقول الله ﷿ ﴿إِنِ الْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ﴾ أيْ: ما الكافرون. وقال ﴿إِن كَانَ لِلرَّحْمَانِ وَلَدٌ﴾ أيْ: ما كان للرحمن ولد ﴿فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ مِنْ هذهِ الامةِ للرَّحْمن، بِنَفْيِ الوَلَدِ عَنْهُ.
أَي: أَنا أَوَّلُ العابِدِينَ بأَنَّهُ ليْسَ للرحمن وَلَد. وقال بعضُهُمُ ﴿فَأَنا أَوَّلُ العَبِدِين﴾ يقول: "أَنا أَوَّلُ مَنْ يَغْضَبُ من ادّعائِكُمْ لِلّهِ وَلدا".
ويقول: "عَبِدَ" "يَعْبَدُ" "عَبَدا" أي: غَضِبَ. وقال ﴿وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلًا﴾ فهي مكسورة ابدا اذا كانت في معنى "ما" وكذلك ﴿وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ فِيمَآ إِن [٥٠ب] مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ﴾ فـ"إنْ" بمنزلة "ما"، و"ما" التي قبلها بمنزلة "الذي".
1 / 119