ويقول الرجل ذو المعرفة من السعوديين: " محمد رجالا مثلي مات " إذا فان الباعث الاول للاستهانة باصفياء الله هو الاستكبار. والباعث الثاني: لاستهانة اصفياء الله وخاصة في الامة الاسلامية مدى القرون، حاجة السلطات الحاكمة على المسلمين إلى اراءة حياة القدوات الانسانية من الانبياء والاصفياء بما لا يناقض حياتهم الغارقة في الشهوات والمنهمكة في اتباع هوى النفس، وكان من اثر العاملين الاول والثاني أن أولت آيات من الذكر الحكيم إلى ما يبين صدور المعاصي من انبياء الله واصفيائه ووضعت روايات في انغماسهم في الملاهي والشهوات واحيانا استفادوا من الاخبار الاسرائيلية في ذلك مثل ما رووا عن داود وزوجة اوريا (1) إلى غيرها والكثير من امثالها التي رووها في سيرة الانبياء، وقد مر بنا امثلة مما رووا في سيرة افضل الانبياء وخاتمهم محمد (ص)، وفي هذا السبيل، سبيل تهوين امر انبياء الله واصفيائه وعدم وجود ميزة لهم عمن سواهم أولوا آيات من الكتاب العزيز المصرحة بمعجزات الانبياء مثل خلق عيسى (ع) من الطين طيرا باذن الله ونظائره، ووضعت روايات تتفق وما يروجونه من عدم وجود ميزة لاصفياء الله عمن سواهم من البشر. وفي مقابل تلكم الاحاديث وتأويلات ايات كتاب الله بدافع العاملين المذكورين آنفا نجد في كتب التفسير والحديث والسيرة احاديث اخرى تدل على ميزات اصفياء الله فآمن بها طائفة من المسلمين واولت آيات كتاب الله بما يوافق تلك الاحاديث وانتج ذلك لكل طائفة منهما رؤية خاصة لصفات الله وصفات انبيائه وعن العرش والكرسي وسائر المعارف الاسلامية تناقض رؤية الطائفة الاخرى وكل طائفة آمنت بما لديها بما يبلغ به إلى تكفير من يخالفه في الرأى. وان ما وقع من التفرقة مدى القرون كان من اثر ما ذكرناه، اما العلاج فسنذكره بحوله تعالى في الخاتمة الآتية:
---
(1) راجع اخبار سيرة النبي داود (ع) في تاريخ الطبري وغيره.
--- [71]
صفحة ٧٠