نقول: نعم، إذا صلحت سيرته فنحن لا نخالف في هذا وإنما نخالف في من ساءت سيرته وظلم وارتكب المحرمات والكبائر فهذا يذم ولا كرامة، لأن الصحبة الخاصة فضلا عن العامة لا تعطي صاحبها مناعة أو عصمة ضد الإثم أو الكبائر، فيحكم على الشخص بعمله إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا[37] خاصة المشهورين بالظلم الذين ذمهم المهاجرون والأنصار، ووردت فيهم النصوص الشرعية الخاصة بذمهم.
فالنص الخاص يخصص عموم الآية.
وكذا سوء السيرة يخصص عموم الآية.
لسبب بسيط وواضح وهو أن الله عز وجل قد اشترط (الإحسان) في من جاء بعد المهاجرين والأنصار، وقد ذكرنا في البحث الأصلي أنه لم يشترط الإحسان في المهاجرين والأنصار لأن الهجرة والنصرة غاية الإحسان.
إذن فمن جاء بعد المهاجرين والأنصار وأحسن السيرة فنعم هو من أهل الجنة فلماذا لا يشمله الوعد بالحسنى؟! من الذي يتألى على الله؟
لكن أيضا من الذي يوجب علي الله على أن يغفر للظالم والفاسق ومرتكب الكبائر المصر عليها؟!
فالقضية واضحة في التفريق بين هذ وهذا لمن لم يتعصب ويغلو.
الملحوظة التاسعة والثلاثون:
وذكر الأخ سليمان ص23 أن من عمل لسانه في الصحابة وطعن فيهم أو رماهم بالنفاق أو شكك في إسلامهم.. بدون برهان قام عليه الدليل فقد رد على الله خبره وافترى بهتانا وإثما مبينا.
قلت: وهذا ما نخشاه على معاوية تماما فقد فعل كل هذا، أعمل اللسان والسنان والمنبر والسيف في صحابة رسول الله (ص) الذين قام الدين على أكتافهم، وليس معه برهان على ما فعل، وإنما يطلب الدنيا والملك، وهذا الملك لن يثبت له إلا بذم هؤلاء الأخيار، وإذا بلغه تبشيرهم بالجنة فهل يكون ممن رد على الله خبره؟! محل بحث.
لأنه قد يتأول بأن الآيات والأحاديث لا تنزل على علي وعمار ومن معه من أهل بدر وبيعة الرضوان، لكن هذا تأويل بعيد يشبه تأويل غلاة الشيعة في حق أبي بكر وعمر.
صفحة ٤١