الجواب: يبدو واضحا بأن تخصيص الله عز وجل ل(المهاجرين والأنصار) بالتوبة يتفق مع ما ذهبنا إليه من أنهم هم الصحابة الصحبة الشرعية؛ التي نزلت فيها آيات الثناء، وهم الذين نجزم بأن الله راض عنهم، وأنه تاب عليهم، أما غيرهم ممن أتى بعدهم (بعد صلح الحديبية)، فلا نستطيع الجزم بالتوبة عليهم اتباعا للآية الكريمة فهي من آخر الآيات نزولا في موضوع الصحابة، وإنما يرجى لهم ذلك خاصة من اضطربت سيرته من هؤلاء، أو نسكت عنهم، كما سكت الله عنهم، فمن ظهر صلاحه أو ثبت له ذلك بدليل خاص فنرجو له أكثر من غيره ممن لم يظهر صلاحه وحسن سيرته، ومن أساء السيرة فنخشى عليه.
إذن فكأن الله -والله أعلم- أراد بقصره الثناء على المهاجرين والأنصار أن يشعر من سواهم بالسبب الذي من أجله تاب الله على المهاجرين والأنصار وأن المهاجرين والأنصار لم يستحقوا التوبة عليهم من الله؛ إلا بأعمال جليلة قدموها في الماضي، وأن على من سواهم أن يكثروا من التأسي بهم، حتى يتوب الله عليهم كما تاب على المهاجرين والأنصار!!
والغريب أن بعض الباحثين يخلطون الأمور ويستدلون بالآية السابقة على أن الله تاب على (جميع الصحابة)!! ويقصدون بالصحابة (كل من رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو لقيه من المسلمين)!! ثم لعلهم يقولون هذا وقلوبهم على الطلقاء!! مع أن الله عز وجل لو أراد أن يقول ذلك لقاله، ولعمم التوبة على كل المؤمنين يومئذ، ولكنه قصر التوبة على المهاجرين والأنصار، ولحكمة!!.
صفحة ٢٣