ولسنا نمل الحرب حتى تملنا ... ولا نشتكي فيما ينوب من النكب ولكننا أهل الحفائظ والنهى ... إذا طار أرواح الكماة من الرعب
قال موسى بن عقبة:
لبثوا في الشعب ثلاث سنين قد قطعت عنهم الأسواق وذهبت عنهم المير وكان أبو طالب إذا أخذ الناس مضاجعهم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضطجع على فراش حيث يراه الناس ثم يحوله إلى بعض فرش بني عمه ويضطجع أبو طالب على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان بعد ثلاث سنين تلاوم رجال من بني عبد مناف ورأوا أنهم قد قطعوا الرحم، واستخفوا بالحق، فأجمعوا أمرهم من ليلتهم على نقض ما تعاهدوا عليه من الغبن والبراءة وبعث الله على صحيفتهم الأرضة فلحست ما كان فيها من شرك وظلم وقطيعة وتركت ما كان اسما لله تعالى فيها وكانت معلقة في سقف الكعبة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لأبي طالب: ((تعلم يا عم إن الله أخبرني أنه بعث على تلك الصحيفة التي علقوها في الكعبة الأرضة فلحست كل إثم وقطيعة إلا اسم الله)).
وقال بعضهم: لحست ما كان لله فيها من اسم وعهد وميثاق، وبقي ما كان فيها من شرك وظلم وقطيعة.
قال أبو طالب: والثواقب ما كذبت، ثم خرج بنفر من بني هاشم حتى طلعوا على مجلس قريش، فلما نظروا إليه قالوا قد جاؤوكم وقد ضجروا بمكانكم وجهدوا لتعطوهم الرضى فقال أبو طالب: قد جئناكم بخير ونصف بيننا وبينكم.
صفحة ٢٣١